المشي بجانب الحائط ذل وجبن.. ما رأيكم في مثل هذه الحكم؟

0 133

السؤال

قرأت في مواقع التواصل الاجتماعي: "علموا أولادكم أن المشي بجانب الحائط ذل وجبن، ليس أمانا، وأن من علمني حرفا صرت له محبا، وليس عبدا؛ فنحن أحرار بعقولنا، وعلموهم أن يدا واحدة تغرس وتكتب، لا يعطلها عدم استخدام اليد الأخرى، علموهم أن يمدوا أرجلهم خارج اللحاف ويصنعوا لحافا أطول، لا يستكينوا لقصره.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Zeyad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخانا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح الأحوال، وأن يعيننا جميعا على تصحيح المفاهيم وانتقاء الجميل الصحيح من الأمثال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعة ربنا الآمال.

المشي إلى جوار الحائط إذا قصد منه السلبية والجبن والفرار من المواجهة، فليس بمطلوب، وإيثار السلامة لا يقبل إذا ترتب عليه ضياع الحقوق.

أما عبارة من علمني حرفا صرت له عبدا، فلا أظن أن المقصود منه الذلة، ولكن المقصود منه الطاعة والاحترام والعرفان والتقدير، وإن قلنا كنت له محبا، فالمعنى صحيح، ولكن حب المعلم معه الاحترام والتقدير والطاعة، وطاعة المعلم لا تنافي حرية العقول، ولكن حرية العقول للجميع محكومة بقواعد وضوابط.

أما المثل الذي فيه: "يد واحدة لا تصفق" فهو دعوة للتعاون، وبالتعاون يتضاعف الإنجاز، وتعظم النتائج، وعبارة: "يد واحدة تغرس وتكتب"، صحيحة، ولكن إذا لم يجد من يتعاون معه، فمن واجب أي إنسان بذل الجهد حسب استطاعته، وربنا يقول: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).

وهناك من ينتج حتى لو فقد كلتا يديه، فالمسألة هنا مرتبطة بعلو الهمة، فما أحوجنا إلى علو همة نبلغ به القمة، ونعوذ بربنا من العجز والكسل؛ لأن العجز نقص في التخطيط والكسل خلل في التنفيذ، والسلبية مرفوضة؛ ولأن يضيء الإنسان شمعة خير له من أن يلعن الظلام.

ومد الرجل خارج اللحاف لا مانع منه إذا نجح الإنسان في أن يوفر لنفسه مساحات، ولكنه فقط من باب تقليد الآخرين، ولا مانع من أي يمد رجله، ولكن في أرضه وحقه، وليس بالعدوان على حرية الآخرين، أو حقوقهم فحريتنا تنتهى عندما تبدأ حريات الآخرين، وقد أعجبتني عبارة: "يصنعوا لأنفسهم لحافا أطول" فمن يصنع ويعمل وينتج حق له أن يتمتع بما أنجز.

فكرة الاستشارة جميلة، ونحن بحاجة إلى إعادة تقييم الأمثال وتقويم ما يحتاج إلى تقويم، وعندها سوف نكتشف أن في الأمثال بعض المخالفات الشرعية، وفيها ما يدعو للخور والاستسلام والضعف.

وهذه وصيتي لك ولشبابنا ولإخواننا بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وكلنا أمل في أن ننجح في تخليص تراثنا العربي من كل نقيصة، معتمدين على ثوابت الدين أولا بالإضافة للاستئناس بالحقائق العلمية أكرر الحقائق وليس النظريات؛ لأن النظريات تحتمل التغيير والتصحيح، أما الحقائق فهي الأشياء الثابتة المطردة، وفي هذه الحالة لا يمكن أن تتصادم الحقائق العلمية مع الثوابت الشرعية، كما أشار لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عليه وعلى أمواتنا رحمات رب البرية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات