السؤال
السلام عليكم
أنا طالبة وزوجة وأم، حولت قسمي الدراسي؛ مما تسبب في تأخر التخرج، وحملي بطفلين وراء بعض، وتأجيل سنة، وهذا سبب لي جهدا وتعبا.
بقي لي سنة، ومع بداية الترم هذا زاد كرهي للجامعة، وأحس بتأنيب الضمير في تقصيري مع زوجي، أتمنى أن أحضر له الغداء ويستقيظ صباحا مع فطور جاهز.
على أبنائي أيضا، لا أحب الحضانة بما فيها من أمراض، وأرى أنه من الأفضل أن يرتاحوا صباحا، وأظن أنه لو كنت وحدي لا أحس بهذا الشعور.
من حولي لا يساعدونني، بل يستهزؤون بي، وأني كأني أدرس الطب أو أني أحب العلم أو يأتي أحدهم يقول: دخلت بعدك الجامعة وسأتخرج وأنت باقية، وأنا أضحك وقتها، لكن داخل قلبي أحزن جدا.
زوجي يشجعني، ويتحمل شكواي، لكن أحيانا أحس أنه متضايق لكن لا يبين لي، حاولت أستثمر وقتي بالجامعة ودخلت ناديا وحلقة قرآن، وحتى لو ذهب شعور الحزن لا يطول ويرجع لي.
أحس أيضا أن عمري صار أكبر، أريد أن أكمل دراستي العليا لكن بسبب إطالتي بدراسة الجامعة فقدت الحماس.
كرهت مجالسة الناس بسبب سؤالهم متى أتخرج، وأنا أصبحت متفوقة دراسيا -ولله الحمد- لأني لا أريد أن يذهب تعبي هباء.
أنا أتعجب من نفسي وشعوري أحيانا أتقبل وضعي وأحيانا أنتكس، ويأتيني شعور لو أني متخرجة كنت تفرغت لنفسي ولمنزلي، وأسجل بدورات وأتعلم لغات، أفتح مشروعا خاصا، لكن الجامعة أخذت عمري وجهدي، وتعبت من تذبذبات شعوري، وبقي القليل، ولكن الشعور بعدم التقبل زاد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وزوجك، وأن يحفظ لكم العيال، وأن يعينك على طلب العلم وتقدير النعم، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا جميعا في طاعته الآمال.
نحن نشكر لك الحرص على طلب العلم مع وجود الزوج والأطفال، ونحيي زوجك على تشجيعه لك، ونذكر بأن أول من سيستفيد من دراستك ويفرح بها هو زوجك والعيال، وسيجنون معك ثمار الصبر.
أنت في الحقيقة متقدمة على الأخريات؛ لأنك حققت مشروع الزواج، وفزت بمتعة الأمومة، وتستمرين في طلب العلم، ولا يمكن أن تربح من تؤخر الزواج لأجل طلب العلم.
احمدي الله على ما أنت فيه، وتجنبي التفكير السلبي، واشكري ربنا الشكور لتنالي بشكره المزيد.
أرجو أن لا تتوقفي عن الطموحات، واستعيني برب الأرض والسموات، ولا تلتفتي لأقوال المثبطات، بل اجعلي ما تسمعينه دافعا لك لمزيد من التفوق والتميز، واعلمي أن العبرة في التعامل مع الزوج والأولاد إنما تكون بالوقت النوعي وليس بكثرة ساعات البقاء معهم، واحرصي على حسن وداعهم وحسن استقبالهم، واسألي عنهم، ولامسي صغارك واحضنيهم، واهتمي بلحظات وجودك مع زوجك، وأشعريه بالتقدير والاحترام، وسيغمرك بالحب والأمان.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، فإن التوفيق للخيرات بيده وحده سبحانه، وتذكري أن النجاح الشامل هو ما يتحقق معه التوازن بين احتياجات الزوج والأطفال، وبين متطلبات ولوازم الدراسة، وثقي أن ذلك ممكن بالاستعانة بالله ثم بتنظيم أوقات الدراسة وجداول المذاكرة.
لقد أسعدنا تواصلك وأفرحتنا مواصلتك للدراسة، ونتمنى أن تكون تجربتك حافزا لأخريات، ومن المهم إيصال رسالة لمن يتأخرن في الزواج بحجة الدراسة، وليس في تأخير الزواج خير.
نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.