من أساليب تربية الأطفال غير الضرب.

0 512

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
مشكلتي هي أنني أريد أن أكون إنسانا وقورا ذا هيبة بين أهل بيتي، نعم بين أهل بيتي فقط، فأنا في الخارج إنسان لا تنقصه تلك الهيبة والوقار بينما في البيت الذي أسكنه مع والدي وإخوتي إنسان يفتقد تلك الصفتين! تسألونني لماذا؟ أجيب بأنني كثير المزاح معهم والانبساط معهم لأني أحاول تعويض تلك الأيام التي كنت أضرب فيها إخوتي لأتفه الأسباب وهم لا حول لهم ولا قوة! يؤلمني تذكر ذلك أشد الألم فكم كنت جبارا ظالما لهم وهم كانوا في سنين الطفولة المرحة البريئة التي لا ينبغي أن يحاسبوا فيها على كل شيء، لكني كنت أفعل ذلك وأعاملهم كأنهم بالغون.

لقد بلغ كل إخوتي والحمد لله، لكني كقاعدة حياتية أعمل بها في حياتي لا أريد أن أظلم أحدا من أهل بيتي الذي أسكن فيه مهما حصل حتى لو سبوني أو شتموني، لا أريد أن أمد يدي إليهم أبدا أبدا مهما حصل، فأدى ذلك كله إلى أن أصبحوا يخاطبونني وكأنني في مثل سنهم مع أني في أواسط العشرينات من العمر وهم لم يجاوزوا الخامسة عشرة من أعمارهم!

دلوني على الطريقة التي بها أحفظ هيبتي ووقاري أمامهم، فأنا الأخ الأكبر لهم وثالث عضو في الأسرة بعد الأب والأم؟ دلوني على طريقة تجمع بين الهيبة وعدم الضرب؟ أرجو أن تكون الخطوات عملية ومفصلة، ويا حبذا لو كان التفصيل مملا فهو عندي أبرد من الماء الزلال.
وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ ن.هـ حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فإن الإنسان ينبغي أن يكون في بيته طفلا فإذا أرادوه كان رجلا، هكذا رد أمير المؤمنين عمر على من أنكر عليه حمل الأطفال على ظهره وهو أمير للمؤمنين، وإذا أراد الإنسان أن يعامل أهله بالرسميات والضوابط الشديدة فإنه سوف يتعب نفسه ويشقيهم، ولكن علينا أن نسدد ونقارب ونغضب إذا حدث أمر يغضب الله تعالى.

ومعلوم أن الإنسان في داخل بيته لا ينال ذلك الاحترام الذي يجده مع زملائه ومن يعملون تحت يديه، وليس ذلك دليلا على أن أهل البيت لا يحترمونه، وهذا بالنسبة للكبار مع إخوانهم ومع زوجاتهم كذلك، وقد كانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يجادلنه وربما أغضبنه صلى الله عليه وسلم، وليس معنى ذلك أنهن ما كن يقدرنه صلى الله عليه وسلم، ولكن لأن الحواجز مرفوعة بين الرجل وزوجته، وبين الرجل وإخوانه، خاصة إذا زادت أعمارهم عن أربعة عشر سنة فإنهم أصبحوا رجالا ينبغي أن نصادقهم – خاوهم – ونحترم مشاعرهم ونستأنس بآرائهم؛ حتى نخرج منهم رجالا لهم شخصيات مستقرة وعندهم ثقة في أنفسهم.

ولا شك أن كل مرحلة لها طريقة في التعامل، وأنت إنما كنت تقصد مصلحتهم، ولا داعي للشعور بالذنب، ولكن كان لابد من تغيير طريقة التعامل بعد أن بلغوا وأصبحوا رجالا، ولابد أن نعلم أن الضرب هو أسلوب العاجز والمربي الناجح قد لا يحتاج للضرب إلا نادرا جدا ومع أشخاص معنيين، وكآخر علاج "وما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده امرأة ولا طفلا ولا رجلا، إلا أن يقاتل في سبيل الله فيضرب الكفار"، وليس معنى ذلك أنه لم يكن يرفض الأخطاء، ولكنه كان يعبر عن عدم رضاه بتغيير نبرة صوته وباحمرار وجهه، وبتبديل هيئة جلسته، فهناك وسائل كثيرة يستطيع الإنسان أن يربي فيها ويظهر عدم رضاه من دون استخدام للعصا منها ما يلي:

1) الإعراض عن المخطئ، بشرط أن لا يطول ذلك الإعراض.
2) الثناء على من أحسن والسكوت عن المسيء، شريطة أن يكون هذا نادرا.
3) حجب المكافآت والهدايا عن المخطئ.
4) إشعار المذنب أن الحب يمكن أن ينقص في حال التمادي في الخطأ.

ولا شك أن كثرة المزاح تؤثر على هيئة الإنسان، ولابد أن يكون ذلك بمقدار ما يعطى الطعام من الملح، ومن الضروري كذلك تحديد الأشياء التي يمكن أن يكون فيها مزاح مقبول، وبيان الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها، ولابد أن يكون مكان المزاح داخل المنزل أو عندما تكونون وحدكم فقط.

ونصحي لك بضرورة اعتماد أسلوب الحوار، وتقديم النصيحة لإخوانك كل على حده، فإن النصيحة بين الناس فضيحة تحمل المنصوح على رفضها والتطاول على الناصح، ومن نصح أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن نصح أخاه جهرا فقد أذله وشانه.

ولابد أن نجعل للجد أوقاتا، ونقبل بالمزاح في أوقات معينة، فإذا وصلنا بالمزاح إلى درجة تغضب الله، أو تفوح منها رائحة سوء الأدب فلابد من موقف حاسم تظهر آثاره على الوجه والتصرفات، مع ضرورة المحافظة على سلامة الألفاظ وعدم التوبيخ والتجريح للمخطئ.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات