السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
حقيقة لا أعلم كيف أبدأ، وعذرا على الإطالة.
• عمري الآن 37 عاما، متزوج ولدي ثلاثة أطفال، أعمل محاسبا بإحدى الشركات بدولة خليجية منذ فترة.
• أشعر بضعف الذاكرة المؤقت، قلة تركيز، عدم انتباه بشكل كامل خاصة عندما يتحدث إلى أحد، أو قيامه بشرح أو تفسير شيء ما، أي أنني لا أدرك ما يقول بشكل سلس وسهل (أحتاج إلى بذل مجهود وتكرار بشكل مضاعف)، والأدهش من ذلك أنني قد أنسى هذا الشرح أو التفسير، ولا أجد له صدى بذاكرتي (المؤقته أو الطويلة)، (قد أتذكره بشكل عام، أو أنك تحدثت معي في هذا الموضوع)، بل إنني إذا درست موضوعا ما واجتهدت فيه بنفسي، وعلمته لنفسي، إذا مر عليه فترة قد أنساه.
• في عملي إذا قمت بإعداد تقرير ما أو حسبة ما وبها معادلات (فأنا وظيفتي محاسب)، فلا تندهش إن قلت لك أنني نسيتها وأحتاج إلى الوقت الكثير والجهد لكي أتذكرها، فقد يتطلب الأمر إلى شرحها وتفسيرها لرؤسائك، أو مرؤسيك بالعمل، أو من يقوم بالمراجعة على عملك وتقاريرك، أو الاطلاع عليها، فلك أن تتخيل كم أقع في الحرج وصعوبة الموقف.
• من هنا تتفاقم الأزمة وأثرها يظهر بشكل اكتئاب وعصبية بشكل مستمر، وردود أفعالي عنيفة مع الناس، خاصة تجاه من يلحظ ذلك من قبل، إلا أنني أشعر بالحزن والتعب النفسي من ردة الفعل هذه، فمنذ الطفولة أدرك هذه الأعراض، وكلما كبرت في السن والمسؤولية زاد الإدراك وزادت الأعراض، فما العلاج المناسب لهذه المشكلة، أهذه مشكلة عضوية (مشكلة بالجهاز العصبي والمخ)؟
هذه المشكلة لها تأثير بالغ على نفسيتي ومعنوياتي، وعلى أفراد أسرتي نتيجة عصبيتي وردود أفعالي العنيفة، فأرجو الإفادة، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أرحب بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله أن ينفع بنا جميعا.
بادئ ذي بدء أعجبني حقيقة الطريقة التي طرحت بها أفكارك، وقدرتك على التنسيق والتنظيم، والإفادة بالنقاط الجوهرية بصورة يسهل فهمها، وهذا طمئنني كثيرا حول مقدراتك المعرفية وذاكرتك، وهو ينفي تماما وجود أي خلل عضوي دماغي أو عصبي، وحتى النواحي النفسية التي لديك أراها بسيطة.
أخي الكريم: في الغالب أنك تعاني من قلق نفسي مقنع، هذا القلق هو الذي يصرف انتباهك من بعض الأمور المهمة خاصة المتعلقة بعملك، وهذا يعطيك شعورا بأنك تنسى أو أن تركيزك مختل، أو أنه يوجد ضعف في ذاكرتك، والأخوة الذين يعملون في مجال المحاسبة معظمهم تجد لديهم شيئا من النمط الوسواسي في العمل، والوسواس بدرجة معقولة مفيد لهم، لأن الوسواس يؤدي إلى الانضباط، لكن إذا وصل الأمر لمرحلة مرضية فهذا قد يكون معيقا.
لا أعتقد أنه لديك نواحي وسواسية أبدا، لكن ذكرت هذا الأمر لأنني شاهدته لدى الكثير من الأخوة الذين يعملون في شؤون المحاسبة والمال، أعتقد أنه لديك قلق داخلي مقنع، وأدى هذا إلى شيء من عسر المزاج البسيط، وأنت في النقطة الأخيرة من رسالتك هذه ذكرت بصورة جلية أنك أصبحت تلاحظ ما ينتابك من عصبية وتوتر وسرعة في الانفعال، وهذا يدل أن القلق قد أصبح محتقنا في داخل ذاتك، وبدأ يتسرب إلى الخارج، والنفس لها محابس، والنفس تحتقن مثل ما تحتقن الأنف، والتعبير عن الذات مهم، الإنسان يجب ألا يكتم عما بداخله، أن يتحدث، أن يفضفض كما يقال.
وهناك وسائل ممتازة جدا لعلاج مثل هذه الحالات أهمها الرياضة، لأن الرياضة تمتص الطاقات النفسية القلقية خاصة القلق المحتقن أو المقنع كما ذكرنا، فاحرص على هذا الجانب من العلاج، وكن دائما إيجابيا في تفكيرك، هذا يساعدك أيضا، وعليك بالنوم الليلي المبكر، وقراءة القرآن بتدبر يحسن من تركيز الإنسان كثيرا، هذه شروط علاجية بسيطة، أضف إليها أهمية التواصل الاجتماعي الإيجابي، لا تكن منغلقا، الإنسان الذي يقوم بواجباته الاجتماعية ويتواصل اجتماعيا لا بد أن يعود ذلك عليه بخير كثير من الناحية النفسية، وأحتم لك أنه لا يوجد علة عضوية، لكن يستحسن أن تقوم بإجراء فحوصات روتينية عامة، هذا مهم، تعرف: نسبة الدهنيات، نسبة السكر، قوة الدم، مستوى فيتامين (د)، ومستوى فيتامين (ب 12)، ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكلى، والكبد، هذه فحوصات بسيطة جدا.
أنا أرى أنك إذا تناولت دواء بسيطا مضادا للقلق وللتوتر مثل عقار (سلبرايد)، والذي يسمى تجاريا (دوجماتيل)، وقد تجده تحت اسم آخر تجاريا (جنبريد)، دواء بسيط وسوف يساعدك، تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم -أي خمسين مليجراما- في الصباح لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة كبسولة صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم اجعلها كبسولة واحدة في المساء لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.