السؤال
السلام عليكم.
أعاني من عسر المزاج الدائم وعدم الاستمتاع بأي شيء، وأحب الوحدة والعزلة، والرغبة في الموت، لكني أخاف من القبر والآخرة، وأفكر كثيرا في الماضي.
والمشكلة الجديدة أني مصاب بفيروس سي، وقرأت أن أدوية الاكتئاب متعارضة مع أدوية فيروس سي، فهل هناك دواء للاكتئاب يمكنني استعماله مع أدوية فيروس سي؟
مع جزيل الشكر والتحية والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Selim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
لماذا كل هذا الضجر والشعور بالكدر؟ فالحياة طيبة، ورحمة الله واسعة، والمسلم لا يتمنى الموت، والموت – أخي الكريم – يجب ألا نخاف منه خوفا مرضيا، لكن نخاف منه خوفا شرعيا، وهذا يعني أن نعمل لما بعد الموت، أرجو أن تغير هذا الفكر السلبي والتغيير عندك أنت، والله تعالى حبانا بالعقل والقدرة على التمييز والتغيير، ارفض هذا الفكر السلبي، ما تعاني منه من ابتلاءات هو أمر بسيط وبسيط جدا مقارنة بما يعاني منه بعض الناس، وهم -إن شاء الله تعالى- يصبرون ويصبرون، واستمع لهذا الحديث: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض) واستمع لحديث آخر: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط)، واستمع لثالث: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)، ويوم القيامة يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط.
فيا أخي الكريم: الفكر السلبي يجب أن يحقر ويجب أن يحطم، ولا أريدك أبدا أن تكون على هذا النمط من التفكير، اعط لنفسك الأمل والثقة، وافتح على نفسك باب الرحمة، ولا تيأس من روح الله، ولا تقنط من رحمة الله، فرحمة الله واسعة، وسعت كل شيء.
أخي: أريدك أن تقوم بواجباتك الاجتماعية، هذا فيه نوع من التأهيل النفسي العظيم، لا تتأخر أبدا عن واجباتك الاجتماعية، إذا دعيت لعرس فاذهب، إذا سمعت بمريض قم بزيارته، قدم واجبات العزاء، امشي في الجنائز، اجلس مع أصدقائك. التواصل الاجتماعي مهم جدا لإخراج الإنسان من حالة الكدر والفجوة المزاجية الكبيرة التي تعيشها.
أنت لديك أشياء طيبة في حياتك، لديك الأسرة، لديك الزوجة، فلماذا كل هذا الذي أنت فيه أخي الكريم؟ اجلس – أخي الكريم – مع إمام مسجدك، تدارس القرآن، احرص على الصلاة في وقتها، الدعاء والذكر، ما أجملها من مطمئنات، لكننا كثيرا ما نقصر، ويجب ألا نترك للشيطان ثغرة ليدخل من خلالها إلى نفوسنا الضعيفة، وقد أقسم أنه سيأتي الإنسان من كل ناحية، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عقد لابن آدم كل أطرقه، فعش - يا أخي - الحياة بأمل ورجاء، هذه دعوتي لك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أعرف هل أنت تحتاج لعلاج دوائي أم لا، أنا أرى أن مشكلتك مشكلة فكرية أكثر مما هي اكتئاب بيولوجي، وإن ذهبت إلى طبيب نفسي ليقيم حالتك هذا هو الأفضل، وإن اتضح أنك بالفعل تحتاج لدواء فالسبرالكس دواء عظيم، ونقي ونظيف، ولا يتفاعل أبدا بصورة سلبية مع أدوية فيروس سي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.