السؤال
السلام عليكم.
كنت أسعى منذ مدة طويلة للحصول على وظيفة معينة، فتح الباب مرة ووصلت للمراحل الأخيرة من الترشيح وأغلق على الباب ظلما، لزمت الدعاء، وفتح الباب آخر، تقدمت وفي يوم إعلان النتائج وقعت مني معصية -مارست العادة السرية عن حاجة-، استغفرت الله منها لكن النتائج لم تكن بصالحي مطلقا!
هذه المقدمة لا علاقة لها بسؤالي ولكنها تمهيد له:
أثناء ممارستي كان في نفسي أن الله بر رحيم لا يمنع فضله عن عباده بذنوبهم، وأن رحمة الله سبقت غضبه، وأنا الآن يأكلني الهم، بأني قد حرمت ما حرمت بسبب ذنوبي، بدأ اليأس يتسلل إلي، بدأ القنوط يملأ تفكيري وحديثي مع نفسي!
كانت أبواب الدعاء مفتوحة، كنت قريبة من ربي كثيرا، أما الآن فلم أعد أستطيع التفاؤل بالقادم، بدأ يعود إلي شعور بأني لم أستطع بلوغ أماني وأهدافي رغم سعيي الحثيث دوما لها، محبطة ويائسة ولا أعلم كيف يمكن للناس الوصول إلى ما يطمحون!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يسهل أمرك وأن يصلح الأحوال وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال وأن يحقق لك في طاعته السعادة والآمال.
بداية نشكر لك هذا الشعور الحي وهذا الخوف من المعاصي وقد أحسنت فللمعاصي شؤمها وثمارها المرة، ولكن ربنا غني حميد يعطي من يشكر ومن يكفر، ولو كانت الدنيا تزن عنده جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء، ولحقارة الدنيا فإنه سبحانه يعطيها لمن يؤمن ومن لا يؤمن.
وأرجو أن تبتعدي عن معصية الله في كل الأحوال لأن الدنيا لا تكون نعمة إلا على أهل الطاعات، ولو أعطى العاصي رغم معاصيه فذاك نوع من الاستدراج، فاستمري على ما أنت عليه من الخوف من الذنوب لأننا لا ننظر إلى صغر الخطيئة لكننا ننظر إلى عظمة العظيم الذي نعصيه.
أما ما حصل عندك من اليأس والقنوط فهو من عدونا الشيطان، ونحن نبشرك بأن ربنا غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، بل أن ربنا الكريم ما سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، واعلمي أن أبواب السماء مفتوحة ورحمة الله واسعة وباب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يصل الإنسان إلى مرحلة خروج الروح، فادخلي نفسك في رحمة الرحيم وتوبي إلى الله، واعلمي أن التوبة تمحو ما قبلها وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا يخفى على أمثالك أن الوصول إلى الأماني هو محض توفيق من الله، وأن علينا أن نسعى ونبذل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب، وثقي بأن الخير في الذي يقدره الله وأن الإنسان قد يحرم من شيء لمصلحته فالأمر كما قال الفاروق عمر -رضي الله عنه- (لو كشف الحجاب ما تمنى أصحاب البلاء إلا ما قدر لهم)، ومن هنا جاء قول عمر بن العزيز -رحمه الله- (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).
فلا تتوقفي عن الدعاء والإلحاح فأنت مأجورة وفائزة في كل الأحوال لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم -طبعا أو مسلمة- تدعو الله إلا أعطاها الله بدعائها أحدى ثلاث:
1- أما أن يستجيب الله دعوتها.
2- أما أن يدخر لها من الأجر مثلها.
3- أما أن يدفع عنها من البلاء ويرفع.
فتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وسعادته في أن يحرمنا من الأجر، وفرحه بأن يوصلنا إلى القنوط واليأس، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه ونسعد بالاستمرار في البحث عن العمل ونفرح بتواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يغنيك بالحلال وأن يبعدك عن المعاصي والآثام.
وفقك الله وسدد خطاك.