السؤال
السلام عليكم
مشكلتي: ثقتي بنفسي ضعيفة، وشخصيتي ضعيفة جدا، لا أستطيع رد الإهانة، وأتلعثم وأرتجف وأبكي عند المواجهة، وأرتجف، وتزداد ضربات قلبي.
مشكلتي الآن مع أهل زوجي، أخته وبناتها لا يمر شهر حتى ينقلبوا ضدي، وتتغير وجوههم ومعاملتهم لأتفه الأسباب، لا أتناقش معهم، وأكتفي بالصمت، وأتعامل معهم كأن شيئا لم يكن، وعندما يعودوا أعود.
الآن حصل نقاش بيننا، وعلت أصواتنا، وكل أخرج ما بداخله، والله إني لا أتعدى على حقهم، لكنهم يفتعلون المشاكل، والآن نحن في خصام وفي نفس المنزل، حتى السلام لا نسلم على بعضنا، ماذا أفعل؟ أريد أن أحفظ كرامتي وأعامل باحترام فقط، وأخاف أن لا يتقبل الله صلاتي بسبب الخصام.
أرجوكم دلوني كيف أتصرف؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الأصل في الحياة الأسرية أن تكون مستقرة مليئة بالمحبة والمودة والاحترام المتبادل، وما يحصل من خلاف أو خصام أمر غير طبيعي، فلذلك ينبغي البحث عن الأسباب قبل الحديث عن العلاج لهذه الظاهرة.
ومن الأسباب التي يمكن ذكرها:
- وجود المعاصي والذنوب والبعد عن طاعة الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تواد اثنان، ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما" رواه أحمد.
- كما أن من الأسباب فتح مجال للشيطان للإفساد وعدم سد هذا الباب.
- ومن الأسباب سوء الخلق المكتسب من البيئة، وانعدام خلق المحبة والتسامح أو المداراة.
- ومنها أيضا أنه قد يكون أهل البيت يعانون من مرض العين أو السحر، فأتمنى النظر في تلك أو غيرها وعمل ما يلزم إن وجدت.
وأما الخصام الذي حدث: فيمكن أن نقول أولا: قدر الله وما شاء فعل، وكان الأولى وبما أنك قد صبرت من قبل أن تردي برد حسن بعيدا عن الانفعال، عملا بقوله تعالى {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ۚ إن الشيطان ينزغ بينهم ۚ إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } [ سورة: الإسراء - آية: ٥٣ ]، فأرجو في المرة القادمة أن يكون ردك أحسن مما سبق.
كما أنك لو آثرت الصمت وعدم الرد، فإن الله يجعل لك ملكا يدافع عنك، فعن أبي هريرة، أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقام فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله؛ غضبت، وقمت، قال: "إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله؛ وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان" ثم قال: يا أبا بكر، ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل، إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة، إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة، إلا زاده الله عز وجل بها قلة" رواه أحمد.
واعلمي أن من عفا وسامح رفع الله قدره في الدنيا والآخرة، وازداد خلقا رفيعا، فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" رواه مسلم.
قال الشافعي رحمه الله:
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
فأدعوك إلى المزيد من الصبر والحلم، وتجاهل ما يحدث، وبإذن الله لن يدوم هذا الحال بل ستنقلب العدوة إلى محبة ومودة، قال تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ۚ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" [ سورة فصلت اية 34، ٣٥ ].
وأخيرا ولتدارك الخلاف الذي حصل، وحتى يرفع أجر العمل الصالح، فعليك الآن فتح المجال للعفو والمسارعة للبدء بالسلام وأبشري بخير، فعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم، وعن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري.
وفقك الله لمرضاته.