السؤال
السلام عليكم
أنا بعمر 31 عاما، أعمل مدرسة وغير متزوجة، والحمد لله رزقني الله بالكثير من النعم.
أعاني من حالة نفسية سيئة للغاية بسبب سوء معاملة أهلي لي وبالأخص أمي، فهي تكرهني بالرغم من محاولاتي الكثيرة لإرضائها وكسب محبتها، إلا أنها تشعر دائما بالغيرة ناحيتي!
هي شخصية سيئة للأسف في العموم، ليس معي فقط، دائما تغتاب الناس وتسبهم، خاصة الضعفاء منهم، وتحب فقط من هم أقوى منها، وتحترم فقط كل من يمتلك المال.
هي لم تشعر بالحنان من والديها، وعاشت حياة قاسية، وبالتالي انعكس ذلك على تربيتها لنا.
في الطفولة كانت أختي ذات شخصية ضعيفة وأقل ذكاء منا فكانت تكرهها وتطلب منها أن تقوم بكل أعمال المنزل، وعندما تزوجت أختي هذه بشخص من عائلة كبيرة أصبحت أمي حنونة معها وتحبها، وتغير أسلوبها.
أما أخي فيأخذ كل المزايا والحب فقط؛ لأنه يتعصب عليها، وأحيانا أشعر أنها تخاف منه وتعمل له ألف حساب.
لا أستطيع سرد كل المواقف والأحداث التي دمرتني، حاولت إرضاءها بكل الطرق، فاشتريت لها موبايل، واشتريت سيارة، ولم أكن أجيد قيادتها فتركتها لأبي.
عندما تزوج إخوتي أقرضتهم كل ما أملك من مال لكي أكون بارة بهم، إلا أنها كانت تجد ذلك ضعفا مني فقررت أنا أعاملها بشكل سيء والنتيجة أنها أصبحت تعمل لي حسابا، ولكن أنا أريد أن أبرها.
فكرت أكثر من مرة في الانتحار بسببها وبسبب ظلمها لي، وهي الآن مصدر تعاستي، أكرهها جدا، ولا أعرف ماذا أفعل؟!
أعاني من أعراض اكتئاب ونوبات فزع ليلية وكوابيس، لم تعد الحياة تفرق معي، وأحيانا أشعر بأن الموت قد يكون أرحم من هذه الحياة.
أفكر الآن في ترك المنزل والسكن في بيت طالبات حتى أرتاح نفسيا مما أنا فيه من علاقة سامة دمرت حياتي، فأنا لم أعد صغيرة وأستطيع الاعتماد على نفسي ماديا، فما رأيكم؟
أرجو أن يكون الرد واقعيا ويحل لي مشكلتي فعليا بعيدا عن التهدئة، فأنا أتعذب وأخشى أن أصاب بالمرض النفسي نتيجة للكبت وكظم الغيظ.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كنت أرجو أن تذكري نماذج عملية من مشكلاتك معها، حتى نعطي حلولا عملية، وسأحاول أن أضع معك بعض النقاط حتى نبني عليها أي قرار تتخذينه، ونسأل الله أن يهدي الوالدة وأن يعينك على الصبر عليها.
نبشرك بأن الصبر عليها من البر لها، مع ضرورة اتخاذ حلول مناسبة تعينكم على التكيف والتأقلم، ونبشركم جميعا بقول الله في ختام آيات البر (ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا).
نوصيك بما يلي:
- الدعاء لنفسك وللوالدة، وطاعتك لها في كل ما هو طاعة لله، وحسن الاستماع لها مع فعل ما هو صواب، فليس من الضروري أن تنفذي ما تطلبه إذا كان فيه ضرر لك أو لغيرك، ولكن ليس من الحكمة مجادلتها أو التأثر بكلامها الذي عرفتم جميعا أنها لا تملك غيره.
- دراسة ما يترتب على قرار ترك المنزل من آثار وأضرار اجتماعية، والتفكير في ردات الفعل المتوقعة منها، ومن أطراف أسرية ومجتمعية أخرى.
- المحافظة على الأموال والاعتدال في بذلها دون الإضرار بنفسك، وابتكار وسائل وأساليب تقلل من أذاها لك، كعدم مجاراتها في الحديث، وتجنب فعل الأمور التي تزعجها أمامها.
- القيام بما عليك تجاهها، وبعد ذلك لن يضرك غضبها ولا حتى دعاؤها عليك.
- تجنب مجرد التفكير في الانتحار فإنه كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وبه يخسر الإنسان الدنيا والآخرة، فلا تفكري في الإقدام على أي خطوة غير مدروسة، واستمري في التشاور مع موقعك.
- احرصي على تقليل فرص الاحتكاك معها بالدخول في برامج تعود عليك بفوائد علمية أو مالية أو مهارية تطويرية.
- تذكر الأجر والثواب المترتب على الصبر عليها، لأن لذة الثواب تنسي الآلام، وإذا لم يصبر الإنسان على أحد والديه فعلى من سيكون الصبر؟! فإذا كان أذى الوالدة لا يسلم منه أحد ففكري في صبر من صبر عليها كيف تمكن من الصبر!
- لا نؤيد مقابلة إساءتها بالإساءة، لأن البر عبادة، والمحاسب فيها هو رب العالمين، وخطأ الوالدة لا يبرر لنا الخطأ، والمخطئ عقابه عند رب العالمين، وكذلك ثواب من يحسن أو تحسن.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وبالله التوفيق.