لدي اضطراب نفسي عند الغضب، وأعاقب نفسي على ذلك!

0 61

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

مؤخرا أصبحت عصبية جدا، وفي حالة توتر دائم، لا أحتمل الأصوات العالية، وفي حالة غضب، ولا أستطيع أن أنفس عن غضبي إلا بضرب نفسي، حيث أعض يدي وأصبعي وشفتي إلى درجة ظهور آثار الأسنان فيهم، وأشد شعري، وألكم نفسي، وأضرب رأسي أحيانا بأي شيء، ويمتليء جسدي بالكدمات عندما أكون لوحدي.

أحاول أن أبكي لكنني لا أستطيع، وبسبب كتمان الأمر أشعر بحرارة بصدري، وأن دمي يغلي، وتأتيني حالة أرغب فيها بضرب الآخرين، وتكسير الأشياء، لكنني أوجهها نحو نفسي، أشعر بالخزي من نفسي لفعلي هذا الأمر والذنب، لكنني لا أستطيع تنفيس غضبي إلا بهذه الطريقة.

لا أريد أن تعلم عائلتي بهذا الأمر، وإلا سأتسبب لهم بالحزن والألم، المؤلم في الأمر أنني أصبحت أصرخ على والدتي وأرد عليها بعصبية دائما، وهذا أمر يؤلمني بشدة، مع أننا قريبتان من بعضنا وأخاف أن يغضب الله علي، أصرخ على أبناء إخوتي، لا أتحمل صراخهم والإزعاج، مع أنه لا ذنب لهم، أحاول بقدر الإمكان أن أنعزل من عائلتي لكي لا أصطدم بهم ولا أنفعل معهم.

المشكلة أنه لا سبب مقنعا لهذا الغضب عندما أفكر بالأمر، وبدأ هذا الأمر فقط قبل شهرين تقريبا، كنت في السابق شخصا لديه قدرة على ضبط أعصابه بشكل كبير إلى درجة البرود، لدرجة أنني أشعر أنني بلا مشاعر أو أحاسيس، وهذه مشكلة أعانيها حتى الآن، لا أتأثر على الإطلاق، لدرجة أنني أدعي الفرح، الحزن، الغضب... إلخ، لكنني فعليا لا أشعر بشيء البتة، حتى نحو عائلتي لا أحبهم ولا أكرههم، أشعر بالتناقض الشديد، أشعر بالارتياح نفسيا عندما أكون لوحدي، وأغضب عندما يقطع علي أحد عزلتي.

أرجو أن أكون قد أوصلت الفكرة بشكل مفهوم لكم، لأني أشعر بالتشتت نوعا ما، ولا أستطيع ترتيب أفكاري، رجاء ساعدوني.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ S. Y حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

التعبير عن الغضب بالكيفية التي تحدثت عنها دليل على وجود اندفاعات نفسية سلبية، والذي يظهر لي أنك تميلين إلى الكتمان، وهذا يؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية تظهر في شكل فورات من القلق والغضب وعسر المزاج.

إذا البناء النفسي لشخصيتك يشير على وجود سمات القلق، والقلق يمكن أن يكون سمة إيجابية جدا في حياتنا، لأن القلق هو الوسيلة والطاقة التي من خلالها يستطيع الإنسان أن ينجز، لكن في بعض الأحيان القلق يكون طاقة نفسية سلبية جدا، وما ينتج منه من احتقانات يؤدي إلى اضطراب في المزاج والأفعال والسلوك والتعبير عن الذات.

أيتها الفاضلة الكريمة: كوني إيجابية أكثر، ولا تكتمي، لأن الكتمان يؤدي إلى الاحتقان النفسي السلبي، عبر عن آرائك وأفكارك أول بأول وبصورة واضحة وفي حدود الذوق والأدب، هذا نسميه بالتنفيس النفسي الإيجابي، وهو مطلب أساسي في حالتك.

دائما يجب أن تكوني مدركة أن التعامل مع الغضب أو إدارة الغضب بالكيفية التي تحدثت عنها يعطي عنك صورة مشوهة جدا في وسطك وفي محيطك وبين معارفك، وأنت فتاة، وقطعا لا تريدين أبدا أن تظهري أو تعرفين بهذه الصفات والسمات.

مارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، رياضة المشي أو أي وسيلة رياضية أخرى متاحة، لأن الرياضة تساعد في التخلص من الاحتقانات السلبية.

أريدك أيضا أن تطلعي على ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول إدارة الغضب، الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجهنا توجيهات عظيمة في كيفية التعامل مع الغضب، وفي كيفية إدارته، والغضب أمر موجود لدى كل إنسان، وهو من طبيعة الإنسان، بل هي سمة وجدانية، والغضب في بعض المواقف مطلوب، أن تغضب إذا انتهكت الحرمات مثلا، أن تغضب إذا كان هناك ظلم، لكن الكيفية التي تتفاعل بها مع الغضب وتعبر عنه وتديره يجب ألا يخرج عن نطاق الذوق وما هو مقبول.

الغضب دائما تسبقه فكرة، أو تسبقه خاطرة، فعند ظهور هذه الخاطرة غيري مكانك، فإن كنت جالسة فقفي، اخرجي، اذهبي، خذي نفسا عميقا، استغفري الله تعالى، ثم بعد ذلك اتفلي على شقك الأيسر، هذه كلها من التربية النبوية في إدارة الغضب، وجربي أن تتوضئي حتى ولو لمرة واحدة، الوضوء يطفئ نار الغضب.

اجعلي لحياتك معنى، أنت صغيرة في السن، الله تعالى حباك بطاقات عظيمة. نظمي وقتك، اجتهدي في دراستك، كوني بارة بوالديك، اقرئي، اطلعي، انضمي لأي جمعية نسائية خيرية أو اجتماعية أو دعوية.

بهذه الكيفية إن شاء الله تعالى تتحسن أحوالك. ولا بأس أبدا أن تتناولي أحد محسنات المزاج، عقار (سيرترالين) سيكون دواء مثاليا، لكنه قطعا يحتاج لوصفة، وهذا يحتم أن تذهبي إلى طبيب نفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات