السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب ومشكلتي تسبب لي الحزن، وأصبحت تزعجني بشكل شبه يومي، المشكلة أني أعاني من الرهاب الاجتماعي، وحينما أكون في مشكلة أشعر أن قلبي ينبض بسرعة، وأن جسمي يرتعش، وأشعر بتأتأة بسيطة، وأتعرق، وما يحزنني أكثر أنني كنت من أقوى الأشخاص في صغري، فكنت قوي الشخصية ولا أهاب أحدا، والآن للأسف وصلت لما أنا عليه.
المشكلة الثانية أنه حينما يستهزئ بي أصدقائي في العمل من باب المزاح، أشعر أن عيني ستدمع، وهذا يحرجني ويغضبني؛ لأنني لم أكن في صغري هكذا، بل العكس تماما، فقد كانوا يشتكون من شدة مزاحي.
أرجوكم أفيدوني، فقد بدأ هذا الشيء يحزنني أكثر فأكثر، وأصبح هما لا يكاد يزول عن عقلي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الذي تتكلم عنه هي ظواهر معروفة بأنها مصاحبة لقلق الرهاب الاجتماعي، قلق الرهاب الاجتماعي مكونه الرئيس هو الخوف الداخلي والتوتر والقلق، وهذا ناتج من زيادة في فعالية أو عمل الجهاز العصبي اللاإرادي، ومن خلال إفراز مادة الأدرينالين يحدث ما يحدث من ارتعاش وشعور بالتأتأة البسيطة وكذلك التعرق، وهذه الأعراض يكون الشعور بها مبالغ فيه، أي أننا إذا تدارسناها على حقيقتها وحاولنا أن نتأكد من شدتها وحجمها الحقيقي سوف يلاحظ الشخص المحايد أنها أقل كثيرا مما يتصور صاحبها.
الرهاب الاجتماعي ليس جبنا، وليس خوفا، إنما هو ظاهرة سلوكية تظهر في شكل خوف نحو شيء محدد، وكما أذكر دائما الإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود ولكنه يخاف من القط. فهذا الخوف خوف خاص جدا، وهو مكتسب، واكتسابه كان عن طريق التعليم في مرحلة حياتية سابقة، غالبا في فترة الطفولة، ولم يلاحظ الإنسان الحدث الذي أدى إلى تخويفه، لكن هذا الحدث يظل محفورا أو مخزونا في الذاكرة اللاشعورية، ويظهر عند اكتمال الوعي في شكل مخاوف.
بالنسبة لموضوع التحرج فيما يتعلق باستهزاء أصدقائك في العمل، حتى وإن كان ذلك من باب المزاح: صاحب الخوف والقلق والاجتماعي تجده حساسا جدا، وربما يلجأ لسوء التأويل في بعض الأحيان، ويحس بالحرج الشديد جدا، لأن هنالك تضخيما وتجسيما من جانبه في تفسير محتوى ما قيل له أو أشير به إليه. فيا أخي الكريم: لا تتحسس أبدا، وحقر كل هذه الظواهر، واحرص أن تتلقى العلاج الصحيح للرهاب الاجتماعي.
الرهاب الاجتماعي يعالج من خلال التحقير ومن خلال الإصرار على المشاركات الاجتماعية، وأن توفي الواجبات الاجتماعية حقها، وأن تحرص على الصلاة مع الجماعة، وأن تكون شخصا مقداما... أخي الكريم: هذه كلها علاجات مهمة، وقطعا تناول أحد الأدوية المضادة للرهاب الاجتماعي مثل الـ (سيرترالين) أو الـ (باروكستين) سيكون مفيدا جدا لك، كما أن تناول أحد كوابح البيتا مثل الـ (إندرال) سوف يؤدي إلى اختفاء الظواهر التي تحدثت عنها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.