السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في الجامعة، في السنة الثالثة، أود أن أطرح مشكلتي هذه، وأرجو منكم النظر فيها، وهي أني أحب شابا وأريد أن أتزوج به، ولكن لا أعرف كيف؟ فكلما طلب منه الزواج لا يجيب، ولكن مشكلتي أني لا أستطيع تركه، وكلما فكرت في الابتعاد عنه أجده أمامي، وأنا مخلصة له ولا أخونه حتى في نظري، فكل شاب يراني ويتقدم لي أرفضه بسبب أني أحب ذلك الشخص، وهو يقول بأنه يحبني أيضا، لكن ما المانع من الزواج؟ لا أعرف؟
أفيدوني أفادكم الله، ولكم مني كل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سهير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يرزقك السداد والرشاد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنسفنا.
لا شك أن الإسلام دين يكرم المرأة، ومن ألوان التكريم حرص الإسلام على أن تكون المرأة مطلوبة لا طالبة، ومن ذلك أيضا حرص الإسلام على حجب المرأة عن الرجال، وصيانتها عن الأعين، فإن الدرة الغالية يبالغ أهلها في المحافظة عليها، فإذا أراد الشاب أن يتقدم للفتاة، فإنه يقدم من يتوسط له، ويكرر المدح والثناء لعائلة الفتاة، ويقدم الأموال مهرا والصدق والأمانة شهادة، فإذا قبلوا به بعد التعرف على دينه وأخلاقه وأسرته وجديته وتم الزواج كانت الفتاة مكانا لاحترامه، وأما لعياله، وأمينة على ماله، يمنحها من الثقة بمقدار ما عندها من دين، وبمقدار ما وجده عند أهلها من صيانة وعفاف وغيرة وآداب.
لكننا -يا بنيتي- ندفع ثمن هذا الاختلاط الآثم الذي أفسد القلوب والعقول، وضيع العلم والعمل، وأصبح الشاب يرى ما لا قدرة له عليه ولا صبر له عنه، وكذلك الفتاة، وأحسن من قال:
وإنك متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وإذا رغبت الفتاة في الارتباط بشاب لدينه وصلاحه، فالأفضل أن ترسل من توصل تلك الرغبة، وحبذا لو كانت من محارم الرجل، فإن قبل فبها ونعمت، وإن اعتذر كان الخير في غيره، والرجال كثير.
ومما يميز طريقة اتخاذ وسيط بين الفتى والفتاة: أنها تحفظ للفتاة وقارها وحياءها الذي هو أغلى ما تملك بعد إيمانها بالله الذي تتفرع عنه كريم الخصال، وقد أرسلت خديجة -رضي الله عنها- من يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برغبتها فيه.
وأرجو أن تحرصوا على تصحيح هذه العلاقة لتكون شرعية، مع ضرورة الاستغفار عن تجاوزات الماضي، أو المسارعة بقطع هذه العلاقة؛ لأن ضررها أكبر من نفعها، وسوف تؤثر على مستقبلكما العلمي وعلى سمعتكما، وهي قبل ذلك مخالفة لآداب هذا الدين ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)) [النور:63].
وأرجو أن تعمري قلبك بالإيمان، واجعلي حب الله أساس للبنيان، ولا تترددي إذا جاء صاحب الخلق والدين، ولا تضيعي وقتك وعمرك في انتظار شاب غامض يتردد في إخراج ما في نفسه، وقد يكون مجاملا لك بكلامه، أو عنده موانع تمنعه من الارتباط بك، وحاولي الابتعاد عنه ونسيان هذه العلاقة، وبهذه الطريقة سوف يتبين صدقه وحقيقة رغبته فيتقدم أو ينصرف عنك.
وأرجو أن أقول لك همسا: إن الرجل إذا عرف أن المرأة هي التي تجري خلفه وتصر على الارتباط به يصاب بالغرور، وسوف يعيب عليها هذا التصرف ويشتمها به عند كل خلاف يحدث في بيت الزوجية، ولا نستبعد من هذه الحالة أن يقول لها: أنا لم أكن راغب فيك لكنك كنت مصرة.
وأكثري من اللجوء إلى الله، واسأليه أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وها نحن نكرر نصحنا لمعشر الشباب بأن يتقوا الله في أنفسهم، وأن لا يتعجلوا الأمور قبل أوانها، فقد يعاقبوا بحرمانها، ولا بد أن نؤكد أن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، ويزداد مع مرور الأيام قوة، لكن حب المجاملات والعواطف الكاذبة لا يصمد أمام الأزمات، وقد يتنصل الشاب عن تلك العلاقات أو يرفض أهل الفتاة ذلك الرجل، فتحصل الندامة والحسرة.
والله الموفق لكل خير.