السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ عشرين عاما، توجد مشاكل بيننا منذ بداية الزواج؛ زوجي يتحمل البعد والجفاء، ومن الممكن أن يقاطعني بالأشهر، ليست حربا ولكن العلاقة رسمية!
كنت أحاول مراضاته أحيانا فيرفض، إلا أن تكون المبادرة من طرفه، ولا يقبل الحوار، وإذا حصل تزيد المشاكل سوءا؛ لأنه عصبي، ولا يقبل النقد، تعودنا على هذا الوضع.
سؤالي: هل آثم على عدم الكلام معه أو محاولة إرضائه؟ أعلم أنه جنتي وناري، وأخاف ألا يتقبل الله مني أي عمل وهو غير راض عني، ويعلم الله أني لم أعد أحتمل عصبيته أو جرحه لي؛ فلذلك أفضل السكوت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحياة الزوجية لن تقوم إلا على التفاهم والحوار، فإذا كان أحد الطرفين لا يقبل ذلك؛ فستكون الحياة معقدة جدا، وإنني أقدر معاناتك أيتها الأخت الفاضلة، وأسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر والمثوبة.
قومي بواجباتك كما ينبغي، ولا تقصري في حق زوجك، وسلي الله الذي لك، فأحسني من استقباله وتوديعه، وهيئي له سبل الراحة في البيت، وتفنني في طهي طعامه، واهتمي بمظهره، ولا تغفلي كذلك أن تهتمي بمظهرك مهما كانت المشاكل.
تعرفي على الأسباب التي تجعله يبادرك بالحوار أو المصالحة، وتعرفي أكثر على نقاط ضعفه التي يمكن أن تستغليها في الضغط عليه؛ كي يغير سلوكياته معك، فإن من الناس من لا ينفع معه إلا ذلك، بحيث لو حرم مما يحب راجع نفسه وعرف خطأه.
أرى أن تجتنبي الأمور التي تتسبب في المشاكل بينكما، ولا شك أنك قد اكتسبت خبرة خلال هذه الفترة، فتعرفت على ماهية الأمور التي تجعله يتعامل معك بهذا الأسلوب.
لست مؤاخذة طالما وقد بذلت أسباب المصالحة واعترفت بخطئك إن كان الخطأ من طرفك؛ ولذلك تعاملي مع زوجك بهدوء وحذر، ولعله يأتي الوقت الذي يعرف فيه خطأه.
تكلمي معه ولا تقطعي الحديث؛ فإني أخشى إن قطعت الحديث معه تزداد المشاكل، إلا إذا رأيت أن ذلك سيعيده إلى رشده فلا بأس.
ابتدئيه بالكلام العاطفي والرسائل العاطفية حتى ولو لم يرد عليك؛ فالكلمة الطيبة صدقة، ولا تنتظري المجازاة، وإن كان الأصل بين الزوجين تبادل عبارات الحب والود.
المرأة يؤاخذها الله إن غضب عنها زوجها وكان محقا في ذلك؛ كونها لم تطعه، أما إذا كان مبطلا فلا مؤاخذة عليها، بل يأثم الزوج على تعنته وظلمه إن كان ظالما متعنتا.
جربي ألا تحاوريه مباشرة، ولكن اكتبي له ورقة، وضعيها في ثوبه، وليكن أسلوبك بطريقة غير مباشرة، فاكتبي مثلا: هل من المعاشرة بالمعروف كذا؟ وهل من الأسلوب الحسن كذا؟ وأيهما أفضل كذا أم كذا؟ وانظري كيف سيكون رد فعله.
إن كان أولادك يعرفون سوء معاملته، وكان ثمة شخص منهم يحبه ويهتم برأيه؛ فاجعليه واسطة في الإصلاح.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يهديه ويلهمه الرشد ويصلح حاله، ويقذف في قلبه محبتك، ولا تيأسي ولا تنقطعي عن الدعاء وإن تأخرت الإجابة.
إن أمكن أن تدخلوا معه ببرنامج عملي يقوي إيمانه من خلال مشاركته في بعض الأعمال الصالحة: كتلاوة القرآن الكريم، وصيام بعض النوافل، وأداء بعض الصلوات معا في بعض الأحيان كصلاة الوتر والضحى؛ فعلاقة الإيمان بالسلوكيات وثيقة جدا.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك مما يجلب لقلبك الطمأنينة، يقول تعالى:(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى أكثر، وتجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم زوجك الرشد، وأن يبصره بعيوبه، إنه سميع مجيب.