السؤال
السلام عليكم.
أراسلكم للمرة الثانية بشأن حالتي، كما أعلمتكم في استشارتي السابقة أني قد عانيت من وسواس الموت والاكتئاب، واستمرت حالتي مدة 3 أشهر، وبدأت أتعود عليها، وكانت تأتيني بعض الأفكار والوسواس، ولكني بدأت أتعلم تحقيرها، وعدم الجدل معها، واستمررت فترة حتى أحسست أني قد انتصرت على هذه الأشياء، ولكن قبل 3 أيام تقريبا بدأت تأتيني أفكار أن قلبي سيتوقف، وأنه ليس سليما، وأيضا بدأت أشعر ببعض الأحاسيس غير الجميلة، وبدأت أنجرف مع الأفكار التي تراودني بشأن الموت، وأصبحت أخاف من المستقبل خوفا من حدوث مصيبة أو ظهور أعراض مرض فجأة لي، وأذهب للمستشفى؛ فأصبحت قلقا جدا، وخائفا من المستقبل.
أيضا: تنتابني نوبات هلع متكررة في هذه الأيام، واكتئاب، وأصبحت أحس دائما بنوبات الهلع من خوف وقلق، وزيادة ضربات قلب، حتى أصبحت أبكي كثيرا مع نفسي، وأحس بالضعف والانهيار تجاه هذه الأفكار السلبية، وأرى الدنيا بطريقة وحشية وسوداوية، وأصبحت دائم الخوف والقلق، وتأتيني أحاسيس بأن لدي دوخة، وأنه سيغمى علي، ولكن لا يحصل أي منهم.
سؤالي لكم دكاترة صفحة إسلام ويب الأعزاء: ما هو تشخيص حالتي؟ وهل أحتاج إلى الذهاب إلى طبيب نفسي، وأخذ علاج دوائي؟ لأني لا أحبذ الدواء.
أرجو أن تنصحوني ماذا أفعل؟ مع العلم أن شخصيتي حساسة منذ الصغر، وكنت أخاف من حدوث مصائب أو أمراض لي منذ أن كنت طفلا صغيرا، ولكني أظن أن هذه الأفكار قد كبرت معي وتفاقمت حتى أدت بي إلى هذا الحال.
أرجو أن تجيبوني بأسرع وقت ممكن، وأن تردوا على استشاراتي السابقة، ولكم جزيل الشكر أيها الكرماء على الاستماع لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت قمت بوصف حالتك بصورة ممتازة جدا، والأعراض التي بدأت تأتيك قبل ثلاثة أيام هي أعراض كثيرة، وفيها ما هو قلق، وما هو وسوسة، وما هو مخاوف مستقبلية، فتشخيص حالتك هو قلق المخاوف الوسواسية، البعض قد يسميها قلق المخاوف الوسواسي التوقعي، بمعنى أنك دائما مشغول حول ما سوف يحدث، وتفسره بصورة وسواسية نمطية، كما أن نظرتك السوداوية نحو الدنيا من وجهة نظري هي السمة، أو الشكوى التي أزعجتني بعض الشيء، أنت شاب، وأنت صغير في السن، وأمامك إن شاء الله تعالى مستقبل طيب، فلماذا هذا الشعور؟ هذا شعور يجب أن تحقره ويجب أن تقاومه تماما.
وأنا أؤكد لك أن حالتك بسيطة بالرغم من كثرة الأعراض النفسية والأعراض الجسدية لديك، لكن كل الأمر يتعلق بشيء من القلق والخوف والوسوسة، وكما ذكرت لك تشخيص حالتك هو: قلق المخاوف الوسواسي وقطعا ذهابك للطبيب النفسي سوف يساعدك كثيرا، والعلاج إن شاء الله سهل.
هنالك علاج نفسي يتعلق بتغيير الأفكار، وهذا هو الذي أطالبك به، فكل فكر سلبي له فكرة إيجابية تقابله، ولذا على الإنسان أن يرسخ الفكر الإيجابي، ويحاصر الفكر السلبي، من خلال: تحقيره، وتجاهله، وعدم التفاعل معه، أو الدخول في حوار معه، والفكرة عند الإنسان تتكون من خلال مراحل:
تبدأ كخاطرة بسيطة، ثم تتحول إلى فكرة إذا لم يوقف الإنسان الخاطرة، بعد ذلك تتحول الفكرة إلى صورة ذهنية كاملة، وهنا يكون الاستحواذ والإطباق.
لذا نحن نقول للناس: أوقفوا الخواطر السلبية في بدايتها، ولا تدعوها أبدا أن تتحول إلى أفكار، وكما ذكرت لك الله تعالى خلق الكون بثنائية عظيمة، كل شيء هنالك ما يقابله مما هو مضاد له، فأنظر إلى الدنيا بجمال، انظر إلى الدنيا إلى إشراق، انظر إلى الدنيا بفرح، انظر إلى الدنيا بتفاؤل، هكذا تعالج نفسك على المستوى الفكري السلوكي.
ويوجد العلاج الاجتماعي، وهو: أن يحسن الإنسان إدارة وقته، وأن يقوم بواجباته الاجتماعية على أكمل وجه، ممارسة الرياضة مفيدة جدا، ومهمة جدا لعلاج الأعراض النفسوجسدية، أن يكون لك أهداف، يكون لك آمال، أن يكون لك طموحات، هذه مهمة وضرورية، وهي جزء من العلاج.
ونعطي أيضا دواء بسيطا وسليما، فلا أحد يتجرأ من الأطباء أن يعطي علاجا إدمانيا أو مضرا، وعناصر العلاج الأربعة حين تكتمل ستكون مفيدة، العنصر النفسي، والعنصر الاجتماعي، والعنصر الإسلامي، وهذا مهم جدا، وكذلك العنصر الدوائي، أرجو أن تتبع هذه المنهجية العلمية الصحيحة، واذهب إلى الطبيب.
أسأل الله لك العافية والشفاء.