السؤال
السلام عليكم.
أريد أن أعرف، كيف أجمع بين الرضا والدعاء؟ فعندما أذعن لقضاء الله تعالى وأرضى به لا أطلب شيئا، وبالتالي لا أدعو، ولكنني قلت أن علي الدعاء كأخذ بالأسباب، ولكنني عندها أفقد الرضا وأشعر بالجزع أو الخوف، ولا أدري هل هذا شعور جيد أم لا!
وأنا أعلم أن من شروط الدعاء أن أطلب الحاجة بصدق، فكيف أطلبها بصدق وأنا راضية عما أعطاني الله إياه؟ كيف أجمع بين الأمرين؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أي محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:
بداية فإن الرضا بقضاء الله وقدره معناه: أن يعلم العبد أن الابتلاء كان من الله تعالى، وأن يعلم أن فيه خيرا له، ويصبر على ما جرى، ويحتسب الأجر من الله تعالى، فعن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط". رواه الترمذي، والمقصود من الحديث الحث على الصبر على البلاء بعد وقوعه لا الترغيب في طلبه للنهي عنه.
وأما الدعاء لرفع البلاء فإنه مشروع، كأن يدعو العبد ربه أن يرزقه إذا كان فقيرا أو يعافيه إن كان مريضا، وهذا الدعاء لا ينافي الرضا بقضاء الله وقدره، ومن دعا الله في رفع بلائه ليس جزعا، ولم يفقد الرضا، فهذا نبي الله يونس عليه السلام دعا الله أن يرفع عنه بلاؤه بعد أن كان في بطن الحوت، وهكذا أيوب عليه السلام الذي كان مريضا لفترة طويلة من الزمن، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو ربه في حال البلاء، ولنا قدوة بأنبياء الله فهم يقينا كان لديهم رضى بقضاء الله وقدره.
ومن جانب آخر فإن من أسباب إجابة الدعاء أن ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" رواه الترمذي، ومعنى اليقين في الدعاء أن نعتقد أن الله لا يخيب رجاءنا وأنه يستجيب لنا لسعة كرمه وكمال قدرته وإحاطة علمه، وهذا اليقين في الدعاء لا ينافي الرضا بالقضاء والقدر، فالرضا بالقدر يكون عند نزول البلاء، وهذا واجب شرعا ويحرم السخط، ثم بعد ذلك تأتي عبادة أخرى للعبد وهي الدعاء لرفع ما حل به، وهو مشروع وأقل أحواله الاستحباب، ويكون بهذا الجمع بين الرضا والدعاء.
وفقك الله لمرضاته.