التمرد في سن المراهقة كيف نتعامل معه؟

0 973

السؤال

لدي ابن في سن 14 سنة، بدأ يتمرد ويرفض أن يستجيب لنا، يخرج من البيت دون إذن، ويريد أن يتأخر عن البيت، وبدأ لا يحترمني، ويرفع صوته أمامي، كما أنه دائما يردد أنه رجل، ويريد أن يسوق السيارة.

أرجو أن تفيدوني في كيفية التعامل معه؟ لأنني اتبعت كافة الخطوات ولم أجد فائدة، وأخيرا ضربه أبوه لأني دائمة الشكوى منه، ولأنه أصبح يأخذ السيارة من دون علمنا، وأصبح لا يرد علي بأدب، كما أني إنسانة عصبية جدا، ولا أعلم كيف أتصرف معه!!

وأخيرا يريد أن يخرج مع أصدقائه من دون أن نعرف من هم! وعندما أسأله يقول: أنا أعرف أختار أصدقائي.

أفيدوني جزاكم الله خيرا، وأرجو أن يكون الرد سريعا قبل أن يضيع ابني بسبب سوء تصرفي معه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين.

فإن لكل مرحلة من مراحل النمو خصائصها ومظاهرها، والمربي الناجح يحسن التعامل مع كل مرحلة بحسبها، وأرجو أن يعامل هذا الابن على أنه أصبح رجلا، فنحاوره ولا نأمره، ونعطيه مساحة للاختيار، ونناقشه بهدوء في نتائج اجتهاداته، ونشجع كل بادرة تحسن، ونقنعه بخطورة قيادة السيارة عليه وعلى الناس، مع ذكر النماذج الكثيرة للشباب الذين استعجلوا أمر قيادة السيارة، فكانت النتيجة الإعاقة الدائمة أو الموت، ولابد أن نذكره بلطف أن ذلك مخالف لأنظمة المرور التي يجب علينا شرعا التقيد بها؛ لما في ذلك من مصالح للبلاد والعباد، ونبين له أن وجود من يخالف النظام لا يجوز لنا التشبه به، ثم ذكروه بأن المسلم لا يقلد الآخرين في الخطأ والصواب؛ لأنه ليس إمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن المسلم يوطن نفسه على أن يحسن إذا أحسن الناس ولكن ليس لأجل إحسانهم وإنما لأن الله أمر بالإحسان، ويتجنب الإساءة لأن الله لا يرضاها، وهي لا تليق بمن أسلم وجهه لله، وأرجو أن لا تعلني عجزك أمامه، وتكثري من الشكوى عليه؛ فقد يدفعه ذلك لمزيد من العناد والتمادي، ويحطم في نفسه حواجز الحياء، ويقلل قيمته عند الناس.

ومن الضروري أن يكون العلاج لطيفا متدرجا، ولا أظن أن الضرب ينفع في هذه السن، خاصة إذا كان أمام الناس، فإن ذلك يدفعه لمزيد من التمرد، ويسقط عنده هيبة المربي، كما أن الضرب هو آخر علاج، ولابد من استخدامه في إطار ضيق جدا، مع مراعاة شروطه، والتأكد من جدواه وفائدته.

وهذه بعض الأشياء التي تعينكم على السيطرة على الموقف بإذن الله:

1- الاتفاق على خطة ومنهج في تربية وتوجيه هذا الشاب؛ حتى لا يستفيد من التناقضات بين طريقة الأب وأسلوب الأم، مع ضرورة الاتفاق على الأساسيات.

2- استخدام أسلوب الحوار الهادئ، بشرط أن نختار له وقته وأسلوبه المناسب.

3- عدم إخبار الوالد بكل صغيرة وكبيرة؛ لأن ذلك يضعف شخصيتك عنده.

4- مصادقة هذا الشاب؛ لأن الابن إذا وصل هذا العمر فلابد من مؤاخاته، قال عمر رضي الله عنه: (لاعب ابنك سبعا وأدبه سبعا واصحبه سبعا).

5- إشعاره بحاجة المنزل لوجوده وسعادتكم بقربه.

6- احترام أصدقائه واختياره، مع تحذيره من أصدقاء السوء، ومناقشته في الأسس الصحيحة لاختيار الأصدقاء، وليس صحيحا النقد المباشر لأصدقائه.

7- الوضوح والمكاشفة في التعامل معه، وعدم التجسس عليه، فإن المتابعة لها عدد من الصور منها ما يلي:

أ- المتابعة البوليسية "طريقة التحقيقات" وهذه فاشلة جدا، وتعلم الأبناء الكذب، وترسخ في نفوسهم العناد، وتحطم الثقة في أنفسهم، فلا ينبغي أن نقول له: مع من كنت؟ وماذا كنتم تفعلون؟ ولماذا؟...الخ.

ب- المتابعة الخفية دون أن يشعر، وهذه لا بأس بها إذا كان المربي حكيما في المعالجة، مع ضرورة التغافل عن الصغائر، وتشجيع وتضخيم الإيجابيات.

جـ تعويد الابن على مراقبة الله، والمبادرة بطرح أفكاره، والأشياء التي يريد أن يفعلها، والأخذ والرد حولها، ورغبته في متابعة وتقويم الأسرة، وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة سلمنا من شرور أصدقاء السوء، ونجحنا في بناء عناصر الثقة في نفسه والنجاح في وجود الثقة، مع شيء من الحذر.

8- الترحيب بأصدقائه وملاطفتهم؛ حتى نتمكن من معرفتهم عن قرب، ولكي نأمن من سلبيات وشرور الصداقات الهاربة.

9- إيجاد برامج بديلة عن برامج الرفاق، كاصطحابه إلى العمرة، وزيارة الأرحام، وتكليفه ببعض المهام، كمرافقة الوالدة عند خروجها إلى محارمه، ومشاورته في أمور المنزل، والأخذ برأيه، والثناء على ذوقه واخيتاره.

10- عدم اللجوء إلى الضرب؛ لأنه يزيد من نفوره، ويحطم شخصيته إذا كان أمام إخوانه أو زملائه، كما أن الضرب هو آخر العلاج، ولابد قبل استخدامه من التأكد من جدواه، وتجنب آثاره السالبة، وعدم اتخاذه عادة، وأن لا يصاحبه توبيخ وإهانة.

11- التعامل معه بمهارة وفهم، مع كثرة الدعاء له.

12- استخدام حاسة اللمس والمسح على رأسه وأعلى ظهره يشعر بحبنا وفخرنا به.

13- الاهتمام بالدوافع الكامنة وراء تصرفاته، والتي منها حب الظهور، أو الرغبة في الاعتراض أو المحاولة والتجربة، وقد يكون الدافع هو شعوره بالنقص.

14- مراعاة خصائصه الفردية واصطحابه الخلفيات الوراثية.

15- عدم التعامل معه بعصبية وحدة؛ لأن ذلك يدفعه لمزيد من الهروب والعناد.

16- ربطه بالله، وتحريضه على المحافظة على صلواته وذكره لله.

17- تذكيره ببر والده والإحسان إليه، على أن نقوم بتعريفه بمنزلة الأم وحاجتها إليه.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات