السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير للناس، وأتمنى أن يتكرم الدكتور محمد عبدالعليم بالرد علي.
أنا عمري 40 سنة، أعاني منذ الطفولة من رهاب اجتماعي، حيث تأتيني أعراض الرهاب عندما أواجه الناس، مثلا إذا قدموني للصلاة أو في الإذاعة المدرسية أو طلب مني إبداء رأيي في جمع من الناس أو في اجتماعات العمل، تنتابني رهبة وارتجاف في ضربات القلب وتعرق واختناق وضيق تنفس وارتعاش في اليدين والقدمين.
الحمد لله قابلت ذلك بتحدي حيث كنت أصلي بالناس بين فينة وأخرى، وأخطب خطبة الجمعة، وأحضر الاجتماعات، لكن هذه الأعراض أبت أن تذهب مني، وخاصة في بداية ما أتكلم حيث أحاول مقاومتها أثناء القيام بالعمل بالضغط على نفسي وبرفع الصوت أحيانا حيث أحس أني أحصل على شيء من التنفس الجيد بهذه الطريقة، ثم ألاحظ أن هذه الأعراض تقل نسبيا وأكمل العمل بصورة أفضل مما كنت عليه في البداية، لكن بعد أن تكون قد أتعبتني البداية كثيرا، وهكذا يتكرر الأمر في كل بداية للأسف، وأحيانا يستمر معي الأمر طيلة اللقاء.
ثم أصبت بعد ذلك بالوسواس القهري، بدأ منذ فترة المراهقة، وكان في الطهارة والعبادات، حيث أعيد البسملة مثلا أو أي ذكر آخر مرارا ظنا أني لم أقله بالشكل الصحيح، بالرغم أنه في قرارة نفسي أنا متأكد أني قلته، تشتد وطأة هذا الوسواس في فترات المذاكرة أو التحصيل العلمي، أي عندما أريد قراءة وفهم كتاب جديد سواء لغرض دخول امتحان أو لغرض تطوير الذات.
استفدت كثيرا مما تكتبونه هنا من نصائح وإرشادات -جزاكم الله كل خير- لكني هنا أريد أن أجرب العلاج الدوائي، حيث أراكم تزكون علاج السيروكسات كثيرا، ولدي بعض الأسئلة، فهل هذا العلاج مناسب لي؟
هل أستخدم النسخة العادية منه أم النسخة المسماة CR؟ رأيتكم في كثير من الردود تقولون أنه ممكن استخدام النسخة العادية من العلاج لفترة طويلة تصل إلى 20 سنة، فهل ينطبق هذا الكلام على نسخة CR؟ الرهاب منعني من تعلم وقيادة السيارة؛ حيث تصيبني الأعراض السابقة الذكر عندما أمسك المقود فهل هذا العلاج سيفيدني في هذا؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ واحد من الناس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وكل عام وأنتم بخير، تقبل الله طاعتكم وصيامكم.
أخي الكريم: ما لديك من رهاب كانت نشأته في الطفولة، وهذا النوع من الرهاب بالفعل يعالج سلوكيا، زائد تناول الدواء، و-الحمد لله تعالى- أنت لديك فكرة جيدة عن العلاجات السلوكية التي تقوم على مبدأ تحقير فكرة الخوف، والحرص على المواجهات وعدم التوقف عنها، فيا أخي الكريم أنا أنصحك بذلك واجعل هذا مبدأك، وأريد أن أطمئنك تماما أنك حين تواجه موقفا اجتماعيا وتحس بتغيرات فسيولوجية كالشعور بالضيق مثلا، السيطرة على الموقف أو شيء من هذا القبيل، هذا كله -يا أخي- كالشعور ليس بنفس الحجم الذي تتصوره، ولن يحدث لك شيء، وأنا متأكد أن الطرف الآخر لا يراقبك، لا يشعر أبدا بارتجافك ولا يشعر بتلعثمك في الكلام، هذا الكلام قد أؤكد تماما من الناحية السلوكية.
وعليه كثف برامجك الاجتماعية، كن دائما في المقدمة في كل شيء خاصة في الواجبات الاجتماعية، الصلاة يجب أن تكون في الصف الأول، وذكرت أنك -الحمد لله تعالى- تقوم بذلك، ممارسة أي رياضة جماعية مع الإخوان أيضا مهمة، تطوير مهارة التحكم في تعابير الوجه ونبرة الصوت ولغة الجسد خاصة حركة اليدين أيضا من الأشياء المهمة والضرورية، فاحرص على هذه البرامج، وأنا متأكد أنك سوف تعيش حياة طبيعية جدا.
بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: نعم، الزيروكسات ممتاز ويفيد حتى في الوساوس، وطبعا العلاج السلوكي للوساوس هو نفسه العلاج السلوكي للمخاوف، تحقير الوسواس، رفضه، عدم الاستجابة له، وأن يكون الإنسان دائما في احتماء إيجابي ليتجنب الفراغ؛ لأن الفراغ يولد الوساوس، أرجع مرة أخرى للعلاج الدوائي أقول لك: أن الزيروكسات دواء جيد ودواء ممتاز، وفوائده كثيرة، فقط يتطلب العلاج الانتظام عليه وهذا ضروري جدا، لأن عملية البناء الكيميائي وتجنب الأعراض الانسحابية لا تحدث إلا من خلال الالتزام التام بالعلاج، واتباع الإرشادات المتعلقة بذلك، ابدأ زيروكسات سي أر 12.5 مليجراما، استمر عليه لمدة شهر ثم ارفع الجرعة إلى 25 مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه تكفي تماما، بعدها انتقل إلى الجرعة الوقائية وهي 12.5 مليجراما يوميا تناولها لمدة 6 أشهر، بعد ذلك اجعل الجرعة 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- سوف تستفيد كثيرا من العلاج.
وأنا أطمئنك أنه سليم جدا، فقط بعض الآثار الجانبية البسيطة التي يجب أن ننبه لها هو أنه ربما يرفع من الرغبة في تناول الطعام، خاصة الحلويات فيجب أن تتخذ المحاذير اللازمة في هذا السياق، كما أنه بالنسبة للمتزوجين عند الجماع ربما يؤخر القذف المنوي قليلا، ولكنه لا يؤدي إلى أي تاثيرات سلبية على الصحة الذكورية أو الإنجابية عند الرجل، من المهم جدا أن لا تتوقف عن الزيروكسات فجأة، التوقف يجب أن يكون متدرجا وذلك منعا لأي آثار انسحابية سلبية.
هذا هو الذي أنصحك به، وقطعا هذا العلاج سوف يفيدك تماما في موضوع رهبة قيادة السيارة، وهذه يجب حقيقة أن تعالجها لأنها معيقة، ما الذي يجعلك لا تقود سيارتك؟ ملايين الناس تقود السيارات بدون أي مشكلة، لا تقبل هذا الفكر السلبي أبدا، ولا تقبل هذا الفعل السلبي، الإنسان يتغير وأنت تستطيع أن تتغير قطعا.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.