السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب شابا كثيرا، لدرجة أنني أدعو له كثيرا، ولا أدعو لنفسي، وقد حدث وتحدثت مع أمي عنه وقلت لها: إنه يصلي ويقرأ القرآن، وصفاته جيدة، ويشجعني على المذاكرة، ويشجعني على أشياء كثيرة جيدة، ولا أستطيع عدم التحدث معه، لكن أمي لا تريد أن أتحدث معه لأنه حرام، قلت لها: حديثنا كله لا يوجد به محرمات.
الغريب أنني أصلي وقريبة من طاعة ربنا وأفعل هذا! أريد البعد لكن أبكي بالأيام عندما أقرر هذا، ولا أستطيع، ويضعف قلبي عندما أقرر البعد، هو لم يؤذني في شيء، بل جعلني إنسانة جيدة بنصائحه لي، لا أريد أن أخسر رضا أمي، ولا أريد أن أخسره.
سؤالي هو: الله يعلم الغيب والمستقبل، فلماذا وضعه الله في طريقي لكي أحبه ولا أستطيع البعد عنه؟
أنا وصلت لمرحلة أن أختم القرآن بنية أن يجمعنا الله في الحلال، وأعلم أن في كل شيء يوجد حكمة لله، ولكن قلبي ضعيف لا يتحمل، وأبكي كل يوم لأجعل أمي تفهم أنني لا أستطيع البعد عنه، وأستطيع أن أجعل أمي تفهمني، ولكنها ضدي تماما في التحدث معه أو مع غيره بالكلام العادي غير المحرم.
أرجو المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرزقك طاعة والدتك بعد إرضاء الكبير المتعال، ونسأله سبحانه أن ييسر لك الحلال، وأن يقدر لك ما فيه الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.
ما ذكرته من صفات الشاب الرائعة لا يبرر لك ولا له الاستمرار في التواصل، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وهو يستدرج ضحاياه، وقد مرت علينا نماذج مماثلة كان فيها التعاون على الخير والإيقاظ للصلاة؛ لكن النهايات كانت مظلمة، والغاية لا تبرر الوسيلة، بل لا بد أن تكون الغاية مشروعة والوسيلة إليها مشروعة، وإذا كان في الشاب خير وعنده رغبة فعليه أن يأتي إلى داركم من الباب، حتى تتحول العلاقة إلى علاقة شرعية معلنة، وإذا كان لا يستطيع فعل ذلك فعليك الابتعاد عنه فورا.
أرجو أن تعلمي أن ما يحصل من التواصل بالطريقة المذكورة يلحق بك وبه الضرر في كل الأحوال، لأنه إذا تيسر الأمر وتزوجك فإن المخالفة ستطاردكم والشيطان سيأتي له ويقول: كيف تثق في الفتاة التي تواصلت معك دون وجود رابطة شرعية أو محرمية؟ وسيقول لك الشيطان: كيف تثقين فيه؟ وما المانع أن يكون عنده أخريات يتواصل معهن؟
أما إذا لم تيسر ولم يتم الزواج فذلك هو العذاب، لكن سوف تصبحين متعلقة بشخص لا سبيل لك في الوصول إليه، وقد تتزوجين بآخر ويكون قلبك مع الأول، فاتقي الله في نفسك، وأطيعي والدتك، فإنها أعلم منك وأخبر، وهي أحرص الناس على مصالحك.
نحن على ثقة أن في الأمر صعوبة، لكننا نذكرك بأن الأصعب والأخطر والشر في التمادي مع المخالفة المذكورة، والجري وراء الشقاء، وإذا أردت النصح والمعاونة على الخيرات فتواصلي مع صالحات ناجحات واعيات، وابتعدي عن الشاب المذكور وغيره، واجعلي بعدك عنه لله؛ وسوف يعوضك الله به أو بمن هو أفضل منه.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونحن على ثقة أن من تركت طعامها وشرابها لله فصامت تستطيع أن تترك كل أمر لا يرضي الله، وهذا هو درس الصيام الأعظم.
نسأل الله أن يحفظك ويسددك، وأن يوفقك لإقامة العلاقات وفق ما شرعه رب الأرض والسماوات.