السؤال
أنا شاب أعيش في فلسطين وأدرس في مصر، مشكلتي أنني أتساهل في أداء الصلاة ولا أصلي إلا أحيانا، والحمد لله فأنا لم أرتكب المعصية إلا مرة واحدة، والمعصية التي ارتكبتها ليست زنا أو شرب خمر، فقط أني ذهبت إلى ملهى ليلي، وبعدها والحمد لله قررت أن لا أذهب إلى أي ملهى، والآن أريد أن أتوب وأحافظ على الصلاة، وأكون ملتزما، أريد أن أكون إنسانا مرتبطا بدينه، يعرف ربه.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ونسأله تبارك وتعالى أن يبعدك عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي الميزان الذي يقاس به دين الإنسان في الدنيا، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله في الآخرة، فعليك بالمواظبة عليها، والالتفاف حول أهلها، والمسارعة إليها عند كل الصعاب والأزمات، فإن الصحابة كانوا إذا حزبهم أمر فزعوا إلى الصلاة يتأولون قوله تعالى: (( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ))[البقرة:45].
ولا شك أن العلاقة وثيقة بين التقصير في شأن الصلاة وبين الوقوع في هوة الفساد والفحشاء، وأرجو أن تجعل مواظبتك للصلاة دليلا على صدق توبتك؛ فإن الله يقول: (( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ))[هود:114].
وتذكر أن الخمر هي أم الخبائث وأم الكبائر، وهي تقود إلى كل شر، واعلم أن الزنا من أكبر الكبائر، وذلك واضح من قوله تعالى: (( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ))[الفرقان:68]. فانظر كيف وضع الله الزنا إلى جوار الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله، وتصديق ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سأله ابن مسعود: (أي الذنب أعظم؟ فقال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك)..
وقد قال صاحب الظلال (سيد قطب): وكلها جرائم قتل، فإن الشرك بالله قتل للفطرة التي فطر الله الناس عليها، والقتل قتل لهذا الإنسان الذي كرمه الله، والزنا قتل للعفاف والطهر في المجتمعات.
واحمد الله الذي عصمك من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأبشر يا بني فإن باب التوبة مفتوح، والله تبارك وتعالى تواب يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، فسارع فإن الله (( يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ))[الشورى:25] واعلم أن للتوبة شروطا، منها ما يلي:
1- أن تكون لله خالصة، لا خوفا من مرض ولا محافظة على جاه، ولا خوفا من الناس.
2- أن تكون صادقا في توبتك، فإن توبة الكذابين هي أن يتوب الإنسان بلسانه ويظل قلبه مرتبطا بالمعصية، يعشق أيامها ويكرر ذكرياتها.
3- أن يندم على المعصية.
4- أن يقلع عن الذنب في الحال.
5- أن يجتهد في الحسنات الماحية (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
6- أن يكون ما بعد التوبة خير من حالك قبلها.
7- أن ترد الحقوق لأهلها إن كانت هناك حقوق للعباد.
ومما يعينك على الثبات ما يلي:
1- الابتعاد عن رفاق المعصية.
2- الإكثار من الدعاء والتوجه إلى الله تعالى.
3- تذكر عواقب المعاصي وآثارها الخطيرة.
4- المحافظة على الصلاة، والمواظبة على الذكر، والإكثار من الاستغفار.
5- وإذا صدق الإنسان وأخلص فهو من الذين قال الله فيهم: (( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ))[الفرقان:70].
ولا شك أن هذا السؤال دليل على بذرة الخير في نفسك؛ فاجتهد في تنميتها، واسأل الله الثبات والسداد.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.