السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعرف أن على المؤمن أن يتحلى بالصبر والإيمان بالقضاء والقدر، وتسليم الأمر كله لله عز وجل، وهذا واجب علينا جميعا فعله رضينا أم أبينا، لكنني أعاني من حالة إحباط؛ جراء ما أسمعه من تزوج فتيات أصغر مني سنا، وتمت خطبتهن بالرغم من أنهن لا يمتن للجمال بالصلة، أعلم أنها أرزاق وأن الله من يقسم الرزق لمن يشاء وبيده الحكمة والعلم عز وجل.
ولكنني أود أن أقول بأنني محبطة تماما، فأنا أملك الدين وأملك الجمال والعلم والأدب، وبالرغم من هذا كله لم أحظ بأي نصيب في الزواج، وقد انتابتني الغيرة والحزن، فكل صديقاتي تزوجن وأنجبن أطفال، أما أنا فما زلت أحلم بالزواج وبالأطفال ..
لقد نصحتموني في أن أدخل في معترك الحياة الاجتماعية، لكني لا أستطيع؛ كون أن هذا الأمر غير مشجع من قبل العائلة، فليست لدينا أقارب ولا أهل، ولا يتم التزاور بيننا، فكيف الحل؟
جزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يصلح الأحوال والنيات، وأن يرزقك العمل الصالح والزواج الناجح والابن الناجح، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،
فإن كل شيء بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ولكل أجل كتاب، وسوف يأتيك ما قدره الله في الوقت الذي يريده الله، ولا داعي للقلق؛ فإن الإنسان لا يدري أين يكون الخير! فإن السعادة ليست في الزواج ولا في الأموال، ولا في العقار والأولاد، ولكن السعادة في طاعة الله، والرغبة في جنته، والحرص على شكره، والإكثار من ذكره، والرضا بقضائه وقدره، وإذا أصبح الإنسان آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها، وليس كل متزوجة سعيدة، ولا كل غني مسرور، ونعم الله مقسمة، فقد يعطى الإنسان المال ويحرم العافية، وقد يعطى المال والعافية ويحرم الولد، وقد تجد المرأة الزوج لكنها تفارق بيته السعادة، ولذلك فإن المسلم مطالب بعدم النظر إلى ما عند الناس وما نالوه من متع الحياة؛ فإن فعل ذلك أتعبته المناظر، وامتلأ قلبه حقدا وحسدا ولم يوفق إلى الشكر فيحرم الزيادة ويفقد النعم، وقد قال الله لنبيه: (( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ))[طه:131] فانظري كيف سمى عطاء الدنيا بالزهرة التي عمرها قصير! ثم قال: (لنفتنهم فيه) ليبين أن كل صاحب نعمة ممتحن، ثم قال سبحانه: (( ورزق ربك خير وأبقى ))[طه:131][طه:131] ورزق ربك من الدين والصلاح والتوفيق خير وأبقى.
فاشغلي نفسك بطاعة الله، واطلبي من الله أن يرزقك الزوج الصالح والأطفال البررة المصلحين، وحافظي على وقارك ودينك، ولا يحملنك تأخر الخطاب على السخط أو التنازل عن القيم الرفيعة.
وليس من الضروري أن يكون للإنسان في كل مكان أقارب، ولكن المؤمن يألف ويؤلف، فاحرصي على الالتحاق بمراكز التحفيظ ومؤسسات الدعوة وحلقات العلم، فإن من تطلب الخير تقصد مجالس العلم، والعلم رحيم بين أهله، ومعظم الدارسات لهن أخوات وأرحام وأبناء يبحثون عن الصالحات، وكثير من الناس تزوجوا من بنات لا تربطهم بهن صلة قرابة، ولعل ذلك يوصل إلى نجابة الأولاد، ويتسبب في تقوية العلاقات، والإنسان لا يمكن أن يعيش منعزلا عن الناس، والاختلاط بالناس فيه فوائد عظيمة.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح.
وبالله التوفيق.