لدي شك في فعالية الأدوية، وأشعر أنني وقعت في فخها

0 27

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسعد الله أوقاتك بكل خير دكتور محمد عبد العليم، -حفظك الله ورعاك-.

سبق أن سألتك بخصوص السبيراليكس والخوف من الانتكاسات، رغم أنني أول مرة أستخدم العلاج، لكنني تواصلت مع طبيبي وما زلت أشك وأنا حائر بفعالية العلاج، لأن الكثير ممن يسألونك هنا انتكست حالتهم رغم العلاج، وأصبح العلاج الآن مجرد مهدئ وليس مضادا؛ لأن المضاد يعني الشفاء -بحول الله- من المرض، وللأمانة أصبحت محبطا جدا.

بخصوص العلاج أشعر أنني وقعت بفخ الأدوية دون حل، وأتمنى منك -أطال الله في عمرك- إيضاح الموضوع لي بكل شفافية؛ لأنني متردد جدا، ومحبط من العلاج، ولو رجعت النوبات والقلق والتوتر هل هناك حل جذري لهذه الانتكاسة، يعني عودة المرض بشكل أقوى من السابق؟ لأن الكثير من الحالات في الإنترنت يعانون من هذه الأعراض.

أتمنى أن يتسع صدرك لحيرتي، جعل الله كل حرف شفيعا لك يوم لا ينفع لا مال ولا بنون.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طلال حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف، ونأسف جدا للتأخير في الرد على رسالتك الجيدة والممتازة والتي أراها نافعة للجميع -إن شاء الله تعالى-.

لابد أن نرجع قليلا ونتحدث عن أسباب الحالات النفسية عامة، السبب قد يكون سببا مباشرا، أي حدث حياتي كبير تعرض له الإنسان وأدى إلى ظهور الأعراض النفسية، أو حتى الذهانية، لكن المكونات الجينية والبناء النفسي لشخصية الإنسان تلعب دورا محوريا في الحالة من الناحية السببية، وشخصية الإنسان مهمة جدا لمواجهة صعوبات الحياة أيا كانت.

فإذا الأسباب في الحقيقة تفاعل ما بين التركيبة الجينية للإنسان وشخصيته على تحمل الظروف الحياتية، وحين نتكلم عن العلاج، العلاج وسائله هي كالآتي:

أولا: البحث عن السبب وإزالته إن كان ذلك ممكنا.
ثانيا: العلاج الدوائي، والعلاج النفسي، والعلاج الإسلامي، والعلاج الاجتماعي، هذه المكونات العلاجية الأربعة تتفاوت في فائدتها من إنسان إلى آخر، فالبعض قد يحتاج للعلاج النفسي فقط، ومريض آخر -كمريض الفصام مثلا- أهم علاج له هو العلاج البيولوجي (العلاج الدوائي)، وهكذا.

إذا المكونات العلاجية الأربعة يجب أن يؤخذ بها جميعا وتطبق في جميع الحالات مع التفاوت في درجة الحاجة لكل منهج علاجي.

أرجو أن تستوعب هذه النقطة بصورة جيدة؛ لأن ذلك سوف يساعدك في تفهم أهمية الدواء.

فإذا الدواء يفيد في بعض الحالات، وهو مطلوب كعلاج أساسي في بعض الحالات وفي بعض الحالات كعلاج مساعد فقط، في نوبات الخوف والهرع والتوترات أنا أرى أن الدواء يحتاج له الإنسان بنسبة أربعين بالمائة، لكن الستين بالمائة الأخرى تعتمد على العلاج النفسي، وتعديل الظروف الحياتية، وتطوير الشخصية، وحسن التواصل الاجتماعي، وأن يجعل الإنسان لحياته هدفا. فلا نحمل الدواء الفشل أبدا، الدواء مفيد لكن بدرجات متفاوتة.

فتطبيق العلاج النفسي والوسائل التطبيقية الأخرى أمرا هاما وضروريا، لا تجهله ولا تتجاهله، بل احرص عليه.

السبرالكس أحد الأدوية البسيطة والسليمة والممتازة جدا، نشير إلى أن الذين يصابون بانتكاسات متكررة غالبا لم يأخذوا بالآليات العلاجية متكاملة، والبعض قد يكون أخذ بكل الآليات العلاجية لكن أصيب بانتكاسة، هذه نسبة قليلة وقليلة جدا، وسببه طبيعة شخصياتهم أو طبيعة مرضهم وطبيعة حالاتهم.

أرجو ألا تتشائم، أرجو أن تكون متفائلا، أرجو ألا تفقد الثقة في الدواء، لكن قطعا تطبيق الآليات العلاجية الأخرى يجب أن يكون هدفا أساسيا، خاصة بالنسبة لشخص مثلك، أنت في بدايات سن الشباب، الله تعالى حباك بطاقات كثيرة، هذه الطاقات يجب أن توظف ويجب أن يستفاد منها، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى النضوج النفسي مما ينشأ عنه تطور كبير في حياتك النفسية، -وإن شاء الله تعالى- تتخلص من القلق والخوف والتوترات.

ركز على ممارسة الرياضة وعلى التمارين الاسترخائية وعلى حسن التواصل الاجتماعي، واحرص على العمل، وجود الوظيفة مهم جدا بالنسبة لك، والوظيفة ليست فقط من أجل النفع والكسب المالي، ولكنها تطور الإنسان، التطور في شخصيته، التطور في مهاراته، تحسن أدائه الاجتماعي ومقدرته على التواصل، والعمل يتيح للإنسان أيضا التفكير في المستقبل بصورة إيجابية، وأن يعيش الحاضر بقوة، وأن يستطيع الإنسان إدارة وقته بصورة صحيحة.

هذه هي المناهج العلاجية التي أريدك أن تنتهجها، وقطعا الحرص على أمور الدين كلها سوف يزودك بطاقات قوية، طاقات الثبات، طاقات التفاؤل، طاقات الأمل والرجاء.

أيها -الفاضل الكريم-: إذا تطوير منهجك الحياتي هو الوسيلة الأساسية لعلاج حالتك هذه، وهذا يجعلك قطعا تستغني عن الدواء، وكما ذكرت لك سلفا: لا أريدك أن تحس بحسرة أو نقص لأنك استعملت الدواء، الدواء مفيد والدواء جيد وساهم في علاجك، ونسبة الأربعين بالمائة التي ذكرناها -أي نسبة الحاجة للدواء- هذه نسبة ليست بسيطة أبدا.

فخذ المناهج العلاجية جميعها، واسع لتطوير نفسك وشخصيتك، وطور من مهاراتك، ومن جانبي أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات