السؤال
السلام عليكم
السنة الماضية تخرجت من الثانوية بمعدل 97%، وبحكم حب الأهل ومعرفتهم دخلت تخصص -شبه أقنعوني به- وهو الهندسة المدنية، رغم أنني كنت أرغب بدراسة هندسة الحاسوب، والآن بعد سنة من دراسة التخصص بدأت أشعر بالملل منه، فقررت أن أدرس هندسة الحاسوب، لكن -للأسف- الأهل معارضون بشكل كبير؛ لأن دراسة هندسة الحاسبات تتم في محافظة أخرى، مما سيجعلني أتركهم لفترة معينة، فهل لو درست دون رضاهم يعتبر عقوقا لهم؟
هددوني بقطع الصرف عني، وسوف يتبرؤون مني إن غيرت التخصص، ويرغبون بالتحكم بي كشخص منتج وليس كشخص مستقل، ولدي أحلام ورغبات أريد تحقيقها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- أهلا وسهلا ومرحبا بك، وأسأل الله أن يفرج همك وييسر للخير والصواب أمرك، ويشرح صدرك ويختار لك ما فيه الخير لك في دينك ودنياك.
- لا شك أن الأصل أن لا يحول الأهل دون رغبة ولدهم في دراسة التخصص العلمي الذي يحبه، إما لشخصيته ورغبته وكونه يسهم في نجاحه وتفوقه وتميزه فيه.
- أما وأن الأهل لم يفرضوا عليه التخصص الذين يرغبون لمجرد التعنت والعناد والقهر، بل مراعاة لظروفهم المادية، فالواجب عليك عذرهم، لا سيما مع كونهم ما زالوا ينفقون عليك إحسانا منهم -فجزاهم الله خيرا-، وربما كانت ظروفهم المادية متواضعة وابتعادك عنهم مما يؤثر عليهم ماليا أو معنويا، مما يستلزم منك العذر لهم بل الصبر والشكر.
- ومع ذلك فلا مانع من بذل الجهد اللازم لمحاورتهم، وإقناعهم بالحكمة واللطف اللازمين، وطمأنتهم بتعويضهم وإقرار أعينهم بنجاحك وتيسر العمل المناسب.
- كون التخصص الذي أنت عليه (الهندسة المدنية) لم يناسبك، فالمؤمل منك إعادة النظر بقناعتك، ثم الحرص على إقناع نفسك بجدوى هذا التخصص، ومحاولة التركيز عليه ومحبته، وإدراك مزاياه بسؤال المختصين، فلطالما تغيرت قناعاتنا بأمور أحببناها بقوة بعد أن كنا كرهناها بقوة والعكس، فالإنسان بطبيعته الضعف والتقلب، فما سمي الإنسان إلا لنسيه، ولا القلب إلا أنه يتقلب.
- وعليه، فلا مناص إذا رفض أهلك بعد بذل جهدك اللازم متعذرعين بعذرين: خشية البعد، وصعوبة النفقة عليك من إكمال دراستك في الهندسة المدنية، مستعينا بالله، متوكلا عليه، والثقة بالله ثم بنفسك وقدرتك على النجاح، فما زلت في عمر مبكر، وأظنك على حظ طيب من الفهم والرجولة والتواضع، ومن الدين والخلق، فاصبر حفظك الله محتسبا ثواب الصبر وأجر الطاعة.
- أوصيك بلزوم الدعاء والذكر والطاعة، والاستشارة والاستخارة والجد والاجتهاد، والمصابرة والمثابرة -وفقك الله وأعانك- وهو الموفق والمستعان.