السؤال
السلام عليكم..
أكاد أحلف بالله يمينا أن أمي لا تحبني، ولا تحب أحدا منا سوى أخي الأكبر.
ليست مشكلتي أنها لا تحبني، بل تشعل الفتنة بيننا كإخوة، وتفضح أسرارنا التي نسر بها إليها لبعضنا البعض، وهذه أيضا ليست مشكلتي.
مشكلتي أنني أحاول إرضاءها وهي لا تسهل الأمر علي، وأنا ديني قليل، وبيني وبين كلمة أف بهدلة واحدة فأنفجر بالجميع.
أريد أن أعمل في المنزل كعاملة نظافة، وأقوم بخدمتها، ولكن لا أريد أن أتحدث مع أحد من العائلة حتى يأذن ربي وأتزوج، وعندها سوف أعمل وأوفر لها شغالة، وأعطيها مالا، لكني لا أريد التقرب منها، أريد علاقتي أن تكون سطحية معها، ومع جميع عائلتي؛ لأني أشعر بأنني كلما تقربت كلما غضبت علي، وعايرتني بما أسره لها، وبما أقوله لها، وبما أتحدث به أو أنصحها به، أو عن صديقاتي، أو أي شيء، فإنه ينقلب ضدي.
لا أريد الحديث معها، ولا أريد الحديث مع عائلتي، سأصلهم جسدا وأقاطعهم قلبا وحديثا وودا، فهل أكون مذنبة بهذه الحالة؟ لأنني لا أشاركها شيئا وإنما أخدمها فقط!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - بنتنا وأختنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويسعدك، ويصلح الأحوال، وأن يرزقك بر والديك وأسرتك، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال، وأن يحقق لك السعادة والآمال.
المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر عليهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر، فكيف بمخالطة الوالدة وأفراد الأسرة، وأرجو أن تعلمي أنك مأجورة على الصبر، بل إن الصبر على الوالدة من أوسع أبواب البر والخير.
وننصحك بالمحافظة على أسرارك وأسرار الآخرين، واستمري في خدمتك لوالدتك، ونحن نشكر لك رغبتك في البر، وتواصلي معها ومعهم في الأمور العادية، أما الأشياء التي تأتيك منها الضرر فانتبهي لها ولا تلدغي من الجحر الواحد مرتين ومرات.
ولا أظن أن وجودك معهم جسد بلا روح يمكن أن يرضي الوالدة، وأنت تنتظرين من وراء ذلك البر، ونحب أن نذكرك بأن البر عبادة لله، وأن تقصير الوالد في حقك لا يسقط حقها، وأن غضبها عليك من غير وجه حق لا يضرك، ولكن العزاء في قول الله - بعد آيات البر في سورة الإسراء -: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}، فقومي بما عليك ولا تبالي.
ولا يخفى عليك أن الوالدة كغيرها من البشر قد يكون لها أخطاء، ولكن دورنا هو النصح بلطف مع الاستمرار في البر مهما حصل، وأخذ الاحتياطات اللازمة عند التعامل معها أو مع غيرها، ولن تكوني مذنبة أو ملامة بحول الله وقوته، ولكن تأكدي من أن أي إجراء تقومين به ينبغي أن لا يحزنها، وقدمي طاعة الله دائما.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، ونكرر لك الشكر على الحرص الذي دفعك للسؤال، ونشكر لك الرغبة في الاستمرار في البر.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.