السؤال
السلام عليكم
أشعر بأن أمي تكرهني كثيرا، وتدقق على كل كلامي حرفيا، أكون أحيانا فظة في الكلام بسبب نفسيتي، وأمي دائما تحبطني وتحطم لي نفسيتي، وترفض أن تسمع كلامي، وأبي بدأ يصبح مثلها، وأحيانا أشعر أن كل من حولي يكرهني، وأشعر بأنني معقدة وحائرة وغير متثبتة، ونكرة، ووجودي ليس له داع، وإرادتي ضعيفة، ولكنني -الحمد لله- ملتزمة بصلاتي، ولكنني أؤخرها أحيانا، وأحب ديني وربي، ولكن لا أعلم كيف أتعامل مع أمي!
أحيانا أكون انفعالية، ولكنها تعامل إخوتي أفضل مني، وتفضلهم علي، وتسمعهم وتجلس معهم، أما أنا فلا، والأمور التي بالنسبة لي مهمة جدا تراها تافهة -وأحيانا إخوتي تكون عندهم الأمور ذاتها، ولكن تهتم لهم-.
أنا لا أكره أحدا، ولكن الجميع يكرهني -بالأخص أخي-، ولا أحب المكان الذي أعيش فيه، وبصراحة أحيانا أفكر بالانتحار، والذي يمنعني ثقتي بربي، وأنه رحيم، وأن هذا وقت وسيمضي، وأن هناك من حالته أصعب.
لا أعلم هل ما يحدث معي من تعقيد وتفكير سلبي ومخاوف من الشيطان، أم أنني أقترب من الجنون!! وما الحل؟
كثيرا ما تراودني وساوس شيطانية أكرهها جعلتني أكره نفسي، وأخاف من كل شيء حرفيا حتى الناس، وهي أحد الأسباب الرئيسية لجعلي أفكر بالانتحار، حاولت أن أقرأ سورة البقرة، وقراءتها كانت تستغرق مني ساعتين، أما الآن ساعة، ولكنني لا ألتزم بها، وحفظت الأذكار ولكنني أيضا لا ألتزم بها، ولا أستطيع التوقف عن التفكير والتوتر والخوف، وصحتي تتدهور، ووزني يزداد، وثقتي بنفسي ضعيفة، وأشعر بأنني وحيدة.
حاولت الهرب بالنوم، لكن الكوابيس والأحلام لم تفارقني، حاولت بالسكريات ولكنها أمرضتني، أحاول الالتزام بالقرآن، لكن إرادتي هزمتني، رغم أنني طالبة مجتهدة لكنني أشعر بأن إرادتي للدراسة بدأت تضعف.
سؤالي هو: كيف أتعامل مع أمي؟ وكيف أغير من شخصيتي ونفسيتي؟ وكيف ألتزم بسورة البقرة والأذكار؟ وكيف أتخلص من تلك الوساوس؟ وما الحل لكل تلك المشاكل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ربى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسال اللة أن يشفيك ويصلح حالك.
ربما أنك تبالغين في وصف تعامل أهلك معك، وربما هذا من آثار الوساوس التي تدور في خاطرك، والحقيقة قد تكون خلاف ذلك، وأن أهلك يحبونك ولا يكرهونك، وقد يصدر منهم بعض التصرفات غير الجيدة معك كما تحصل مع غيرك، والفرق بينك وبين غيرك أنك ربما حساسة، أو لديك مشكلة نفسية تكبر عندك هذا التصرف وتضخم آثاره، مع أنه طبيعي عند غيرك.
وعليه، أنت تحتاجين إلى إعادة النظر في تفكيرك ونظرتك للأمور حتى تتجاوزي هذه المشاكل؛ لذا ننصحك بالآتي:
- استشعري حق الوالدين عليك، وتعاملي معهما بكل أدب واحترام وطاعة وعدم تأفف أو عناد، وابتغي بذلك وجه الله والأجر والثواب، وحاولي أن تتحببي إلى قلوبهما بشيء من المشاعر والتعامل الحسن، ولا تتعاملي معهما بردود الفعل أو سوء الظن بتصرفهما معك، وستجدين تغيرا ملموسا في تعاملهما معك نحو الأفضل.
- حاولي أن تقوي من إيمانك من خلال الالتزام بالواجبات الشرعية، والمحافظة على الطاعات، والبعد عن المعاصي والمنكرات، وكثرة الذكر والتسبيح وقراءة القرآن، وجعل ورد يومي لك منه، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، ووضع برنامج يومي لتنفيذ هذه الأعمال وعدم التكاسل عنها؛ فإنها من أهم عوامل الاستقرار النفسي والأسري لك.
- البحث عن رفقة صالحة من الأخوات، والتسجيل معهن في أحد مراكز تحفيظ القران، أو دور العلم الشرعي، والبعد عن رفيقات السوء، وعدم الانزواء في البيت لوحدك، وممارسة حياتك الطبيعية معهن؛ حتى تخرجي من توارد الخواطر والوسواس السيئة عليك، فإن الشيطان يعشش في نفوس البعيدين عن الله والبعيدين عن الناس.
- قطع التفكير والوساوس السلبية لديك كلما جاءت لك، وعدم الاسترسال معها، والاستعاذة بالله منها، وشغل نفسك بالذكر والتسبيح حتى تنسيها.
- حافظي على الوضوء دائما، واستمعي يوميا لسورة البقرة بنية الشفاء من قارىء حسن الصوت، مع التركيز في الاستماع وعدم الانشغال بغيره، والحرص على الاستمرار وعدم الانقطاع حتى تتحسن نفسيتك -بإذن الله-.
- إعادة الثقة بنفسك، وعدم الاستسلام للفشل فأنت طالبة جادة، وقدراتك ممتازة، وبيتك مناسب لك، فلا تفكري بتركه أبدا، ولا تفكري بالانتحار؛ فهو من خواطر الشيطان، ولن تنتهي مشكلتك بالانتحار بل ستستمر روحك في الظنك والعذاب في البرزخ، وفي الآخرة متوعدة بالنار؛ لأن من قتل نفسه فهو النار -والعياذ بالله-.
- لا بأس بعرض نفسك على طبيب نفسي أو راق ثقة لتشخيص الحالة، والتعامل معها بما يلزم، وإخبار أهلك بما تعانين من مشكلات نفسية؛ حتى يراعوا ظرفك ويقفوا إلى جوارك لتجاوز هذه المرحلة.
وفقك الله وأصلح حالك ويسر أمرك.