كيف أعالج مشكلة الخوف من مواجهة الناس؟

0 19

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا طالب في السنة الأخيرة في الجامعة، مشكلتي هي الخوف من الآخرين وتجنب مواجهتهم والحرص على عدم الاختلاط بهم، مما جعلني أعيش في عزلة تامة عن الناس، وأصبحوا يسخرون مني لعدم ظهوري في المناسبات الاجتماعية.

في الماضي كان خجلي طبيعيا، وكنت أخرج مع أصدقائي وألعب الكرة، وأجلس معهم، ولكن منذ أن أكملت المرحلة الثانوية وأقبلت على دخول الجامعة أصبحت أخاف من الآخرين، وامتنعت عن الخروج من المنزل، وإن خرجت أعود سريعا.

نصحني صديقي أن أنظر في وجوه الناس عند المواجهة، لكن هذا السلوك جعلهم يتجنبوني ويبتعدون عني لأنه يسبب لهم الحرج، أنا حائر فأرجو إفادتي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

غالبا لديك درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، وفي ذات الوقت قد تكون شخصيتك تحمل بعض صفات الشخصية التجنبية.

العلاج يكون على مستوى الفكري المعرفي، بأن تتدارس مع نفسك هذه الظاهرة وهذا السلوك وهذا النوع من المشاعر، وقطعا سوف تصل لقناعة أنه فكر وشعور وفعل خاطئ، والشيء الخاطئ الذي لا فائدة منه يجب ألا يقبله الإنسان لنفسه. هذه هي الخطوة الأولى.

الخطوة الثانية: أن تبني قناعات جديدة خاصة على المستوى الفكري، وهو أنك لست أقل من الآخرين، وأنه لا أحد يقوم بمراقبتك، وأنك لن تفشل أبدا أمام الناس، وهذه حقيقة.

والأمر الآخر هو: استشعار أهمية الواجبات الاجتماعية أيا كانت، وابدأ بهذه: قم بزيارة أرحامك، شارك الناس مناسباتهم، اذهب إلى الأفراح، قدم واجبات العزاء، قم بزيارة المرضى.

وقطعا هناك ثلاثة أشياء يجب أن تراقبها، وهي: تعابير وجهك، ونبرة صوتك، ولغة جسدك، بالنسبة للنظر في وجوه الآخرين قطعا لا يكون بالحدة الشديدة، انظر إليهم متى ما كان ذلك مناسبا، لأن النظر في وجوه الآخرين هو وسيلة من وسائل التواصل الجيدة، متى ما اقتضت الظروف ذلك، واعلم أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، ويمكن أن تتدرب على ذلك من خلال النظر لوجوه ذويك وأهل بيتك مثلا. ابدأ بهذا، نبرة الصوت: يجب أيضا أن تحرص على أن تكون نبرة منضبطة وحسب المقام وحسب ما هو مطلوب، ولغة الجسد - خاصة استعمال اليدين عند الكلام - أيضا لها ضوابطها، وهي مفيدة جدا.

خطوات عملية مهمة لعلاج حالتك هي: الحرص على صلاة الجماعة، الصلاة مع الجماعة في المسجد وجدناه علاجا عظيما للخجل والخوف والرهاب الاجتماعي، وحتى للشخصية التجنبية، احرص أن تنتقل تدريجيا ما بين الصفوف، ابدأ بالصفوف الخلفية، ويمكن أن تكون على الجانب الأيمن من الصف، ثم تدرج حتى تصل إلى الصف الأول وتكون في يمين الصف، ثم انتقل لتكون خلف الإمام، وتصور أنك قد تنوب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، هذا تدرج نفسي سلوكي وجدناه مفيدا جدا للناس، ولك -إن شاء الله تعالى- أجر الآخرة أيضا.

الرياضة الجماعية مفيدة ومفيدة جدا، فاحرص عليها. طبقي بعض التمارين الاسترخائية، وعليك بالدراسة الجماعية أيضا مع أصدقائك، على الأقل مرتين في الأسبوع.

أعتقد أننا قد زودناك بكل ما هو مطلوب لمعالجة هذه الحالة، وعليك بالتطبيق، وأن تكون جادا في أنك بالفعل تريد أن تتغير.

أيها الفاضل الكريم: هنالك بعض الأدوية التي تساعد في العلاج أيضا، وأنا أحب أن أشير دائما للدواء في آخر هذه الاستشارات؛ لأنني لا أريد من الناس الاعتماد على الأدوية فقط، أعرف أنه مفيد ومفيد جدا، ولكن إذا اعتمد عليه الإنسان لوحده وأسقط بقية الآليات العلاجية السلوكية ربما لا تكون النتائج إيجابية في نهاية الأمر.

من أفضل الأدوية التي نوصي بها هو عقار (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (زولفت) أو (لسترال)، الجرعة في حالتك صغيرة، وهي نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - ليلا لمدة أسبوعين، ثم حبة كاملة (خمسون مليجراما) لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمددة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات