السؤال
السلام عليكم.
أعاني من الاكتئاب، ووصف لي الطبيب لاموتري حبة في اليوم، فما هو الدافع الذي يجعلني أقرر أن أتغلب على الاكتئاب وأنا فاقدة الأمل في الشفاء أصلا؟ هل الإنسان يجب أن يتجاهل مشاعره وأفكاره السلبية ويبدأ بجانب الأفعال، فكيف والأفعال بدورها نتيجة لمشاعره وأفكاره؟ هل الحياة سوداوية فعلا لهذه الدرجة التي تجعل المكتئبين يقررون الانتحار؟
أخشى يوما بسبب ما أنا فيه من شك أن تستحوذ علي أفكار الانتحار، أرشدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء.
كلمة الاكتئاب أصبحت كلمة متداولة وسط الناس بشكل مزعج جدا، والاكتئاب قد يكون عرضا وقد يكون مرضا، وأنا دائما حقيقة أقول للناس: لا تشخصوا أنفسكم حتى وإن أصبتم بأقصى درجات عسر المزاج، دعوا الأطباء هم الذين يتأكدون من التشخيص.
فأنا لا أريدك أبدا أن ترمي نفسك بالاكتئاب، أو تتهمي نفسك بهذه العلة، وإن كنت أقدر كلماتك وأقدر مشاعرك جدا، وأقدر حكمك على نفسك، لكن أرجو أن تكوني متأكدة من التشخيص، وأحسب - ما دمت قد ذهبت إلى الطبيب - أن يكون الطبيب قد شرح لك بعض الأشياء المطلوبة حول الاكتئاب، وأي درجة هو من الاكتئاب؟ وما نوعه؟
ومبادئ علاج الاكتئاب معروفة في حالة وجود اكتئاب فعلا، هناك علاج بيولوجي - أي علاج دوائي - وهناك علاج نفسي، وعلاج اجتماعي، وعلاج إسلامي، هذه كلها يجب أن تتضافر مع بعضها البعض، ويأخذها الإنسان كحزمة وباقة واحدة، فعاليتها دائما تكون رائعة، الناس كثيرا ما تأخذ الأدوية فقط، وهذا ليس صحيحا، الأدوية مساهماتها لا تزيد عن ثلاثين بالمائة فيما يتعلق بنسبة الشفاء.
أيتها الفاضلة الكريمة: إذا تتغلبين على الاكتئاب - إن وجد - من خلال الآليات الأربعة التي ذكرناها.
كلمة (أنا فاقدة للأمل في الشفاء أصلا) هذا توجه سلبي، الاكتئاب كثيرا ما يجعل الإنسان يشعر بذلك، لكن أدركي - وأنت مدركة طبعا - أن الله تعالى قد خلق الكون بثنائية عظيمة، إن وجد اكتئاب فإنه يوجد الانشراح، وإن وجد الحزن فإنه يوجد الفرح، هذه الثنائية العظيمة دائما إذا تذكرها الإنسان وكان جادا في تغيير فكره يستطيع أن يغير فكره.
لماذا لا تنظرين في الجوانب الإيجابية في حياتك وهي كثيرة؟ أنت شابة، في سن صغيرة، حباك الله بمقدرات عظيمة، لديك وظيفة، لديك تعليم، لديك أسرة كريمة، والأمل والرجاء والحياة نحن نراها هي للشباب، فيجب أن تتغلبي على هذا الاكتئاب - إن وجد - من خلال هذا النوع من التفكير الإيجابي.
موضوع الانتحار والسوداوية: هذه أيضا مصيبة جدا جلبت من مجتمعات ليست على عقيدة صحيحة إلى مجتمعاتنا المؤمنة بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، من خلال الاحتكاكات الثقافية المنحرفة، وأقصد بالمنحرفة: الأفكار الغريبة، افتقاد الناس لقيمة الحية، تفكك الأسر الخارجي، البعيدة عن مجتمعاتنا.
فيا أيها الفاضلة الكريمة: الحياة طيبة جميلة، وأذكرك بقول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، الحياة طيبة، والحياة هي هبة الله، والإنسان يجب أن ينميها لا أن ينهيها، ومآل المنتحر معروف، والمنتحر يخسر مرتين: خسر الدنيا، وخسر الآخرة، ولا يفوز بشيء.
بر الوالدين يفرج الكرب حقيقة، وجدنا هذا ولمسناه وتجاربنا في هذا السياق كثيرة جدا. احرصي على بر والديك كرسالة تساعدك في العلاج والخروج من هذا الذي أنت فيه.
اجلبي السعادة لنفسك من خلال تصنعها، وتصنع الشيء يأتي به:
- ادخلي في نشاط اجتماعي مفيد.
- تواصلي مع صديقاتك.
- احرصي على زيادة أرحامك.
- مارسي رياضة، الرياضة عظيمة جدا، تحسن التواصل الكيميائي ما بين المركبات الدماغية، وهكذا.
وتناولي العلاج حسب ما وصفه لك الطبيب، وعليك بالمراجعة معه، وتواصلي مع موقعك، وطبقي ما أرشدناك به، وسوف يجعل الله بعد عسر يسرا، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرا، واستعيني بالله ولا تعجزي، وتوكلي على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم.