ما هو الفرق بين الفصام والوسواس القهري في حالة ابني؟

0 20

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا على موقعكم المميز، وآمل إرشادي حول حالة ابني، فهو مستبصر في مرضه، وتأتيه أفكار وسواسية يعلم أنها غير صحيحة، ويتألم منها، وعاطفيا يحب أبويه وإخوته، ويحب السكن معهم، وأنا سمعت بأن مريض الفصام لابد أن يفقد عاطفته تجاه أسرته ووالديه وإخوانه والمحيطين به، ولكنني لم ألاحظ هذه الأعراض عليه.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع.ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

فيما سبق لديك استشارة رقمها (2411556)، وفي تلك الاستشارة أوضحت أن ابنك يعاني من مرض الفصام، لا أعرف إن كان هو نفس الابن الذي أشرت إليه في هذه الاستشارة أم لا، ولم تذكر عمر هذا الابن في هذه الاستشارة.

في بيانات السائل في تلك الاستشارة: (ع.ع) والعمر (20 عام)، أحسب أن ذلك هو عمر هذا الابن، وإن كان الحال هكذا، فقضية الاستبصار ليست قضية مطلقة، كثير من مرضى الفصام حين يطبق عليهم الوسواس يفتقدون الاستبصار نسبيا، وهذا الآن أصبح معيارا تشخيصيا حسب الطبعة الخامسة من المعايير التشخيصية بالجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، فمريض الوساوس نفسه قد يفتقد الاستبصار.

والأمر الآخر: أن مريض الفصام كثيرا ما يستبصر أحيانا -خاصة حين يتناول العلاج-، يعرف أن الأفكار أفكار خطأ، لكن فرضت ذاتها عليه، وكثير من هؤلاء المرضى مثلا حين يستمعون إلى الأصوات يتجاوبون معها، والمريض إذا كان هنالك حوله أشخاص يحاول ألا يتجاوب مع الأصوات، وألا يرد عليها، وهذا نوع من الاستبصار، وهكذا.

والأمر الآخر: لا نستطيع أن نقول أن مريض الفصام يفقد العاطفة تجاه أسرته، هذا أيضا كلاما ليس دقيقا -مع احترامي الشديد لرأيك- نعم معظم مرضى الفصام يحدث لهم نوعا من التبدد الوجداني، بمعنى أنه لا يتفاعل مع الأحداث الحياتية وجدانيا حسب ما تستحقه، أوقات الأحزان، أوقات الأفراح، مريض الفصام -في أغلب الأحيان وليس كلهم- لا يستوعبه بالصورة المطلوبة، أو لا يتفاعل معها مثله مثل الشخص العادي.

فيا أخي: التداخل موجود، ولا نستطيع أن نقول: الاستبصار وحده يجب أن يكون هو المرتكز التشخيصي للتفريق ما بين الوسواس وما بين الفصام.

وهذا الابن ما دام هو عاطفي ويحب والديه وإخوته، ولديه شيء من التفاعلات الوجدانية، فهذا أمر جيد، أيا كانت علته - وسواسا كان أو فصاما كان، المهم أن يكون تحت الرعاية الطبية السليمة والصحيحة، والمتابعة الطبية مع الطبيب النفسي مهمة جدا.

وأود أن ألفت النظر لشيء مهم جدا: في بعض الحالات مرض الوسواس القهري حين يكون مطبقا أسوأ من أنواع معينة من الفصام، فليس الفصام كله سيئا وليس كله قبيحا، وليس الوسواس القهري كله حسنا، وطبعا نعرف أن خمسة بالمائة (5%) من مرضى الوساوس القهرية الشديدة تأتي معها فصاميات، وعكس صحيحا.

فالأمر فيه الكثير من التعقيدات العلمية، ولا أريد أن أدخلك -أخي الكريم- في أي نوع من المتاهات، وأسأل الله تعالى لهذا الابن الصحة والعافية، وأريدك أن تحرص كثيرا على علاجه، والحرص على تأهيله والمتابعة مع الطبيب، وهذا هو المطلوب وهذا هو المهم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات