السؤال
السلام عليكم.
عجزت عن إصلاح نفسي، بل وقعت في حفرة عميقة لم أستطع الخروج منها، كل شيء حولي ينهار: علاقتي بأمي وبأصدقائي، كل شيء! لم أعد أتحمل نفسي، ولم أستطع الخروج من كل هذا، كل ما خيل لي أني سأتخطى وسأتجاوز أنهار مرة أخرى.
أشعر بأن الموت أرحم لي، لم أعد أستطيع العودة لأن أكون شخصا منجزا يحب الحياة ويسعى، لم أعد كذلك، كل شيء صار سيئا بالنسبة لي؛ حياتي متوقفة، وأشعر بأني أنظر للحياة وهي باهتة سوداء، أشعر بأني أريد الموت عله أرحم لي.
كيف أخرج من هذه الحالة، وكيف أخرج من هذا الظلام؟! فأنا أدعو الله كثيرا ولكن لا بد من فعل الأسباب، أنا لا أعلم ما هي الأسباب! كل الأفعال التي أرتكبها خاطئة، وكل الطرق التي أسلكها خاطئة، فهل سأبقى على هذا السواد دائما؟!
أشتاق لنفسي التي كنت معها على وفاق، كنا أصدقاء، الآن لم أعد أعرفها ولم تعد تعرفني، أشعر بالكآبة الشديدة، وأشعر بأن كل شيء بات يكرهني، كنت شخصا رائعا، وأصبحت شخصا كريها، كل من حولي كانوا يحبونني حينما كنت رائعا، ولكن حينما سقطت أصبحوا يلومونني، فهل هناك حل أستطيع فعله؟ أحس بالخوف بأنني سأكون هكذا، دائما أشعر بالخوف يعتصر قلبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ موضي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
استشارتك غامضة جدا فلم تحددي لنا المشكلة التي أنت فيها، والسبب الذي أوصلك لذلك، سوى أنك قلت وقعت في حفرة عميقة ومن ثم ساءت علاقتك بمن حولك، ولسنا عارفين ما هي هذه المشكلة التي وقعت فيها فغيرت مجريات حياتك! وعلى كل فإني سأوجهك ببعض الموجهات العامة التي آمل أن ينفعك الله بها.
أوصيك بالاستقامة على دين الله سبحانه؛ فإنه طوق النجاة للإنسان في الدنيا والآخرة، فالإيمان والعمل الصالح سبب لجلب الحياة الطيبة، يقول الله سبحانه وتعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
البعد عن منهج الله سبب في الشقاوة وضنك العيش، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمىٰ ).
الوقوع في الذنوب والمعاصي يحرم العبد الراحة والطمأنينة، وتتنكر له الحياة كلها، ففي الحديث: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) ولا شك أن الحياة الهادئة المطمئنة من الرزق.
ما ينزل بالعبد من بلاء إلا بذنب يعمله، ولا رفع إلا بتوبة نصوح يحدثها. يقول معقل بن عبيد الله الجزري رحمه الله: من وصايا العلماء فيما بينهم: (من أصلح سريرته؛ أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله؛ كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن اهتم بأمر آخرته؛ كفاه الله أمر الدنيا) فأوصيك بالعمل بهذه الوصية الجامعة؛ فإن عملت بها ستجدين الحياة تتغير تماما وسيذهب كل ما تشتكين منه.
حافظي على أداء الصلوات الخمس وأذكار اليوم والليلة؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، يقول تعالى: (وأقم الصلاة ۖ إن الصلاة تنهىٰ عن الفحشاء والمنكر) وذكر الله يجلب الطمأنينة للقلب يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
اعلمي أنه ما يصاب العبد بشيء إلا بسبب ذنوبه، كما قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).
احذري من إرسال الرسائل السلبية إلى عقلك؛ فإن لها آثارا سلبية كثيرة؛ لأن العقل يتفاعل معها، فعليك أن تقومي بمحوها بالرسائل الإيجابية التي فيها روح التفاؤل والأمل؛ وبهذا سترين الحياة تتغير وتصبح سعيدة وستكونين أكثر إيجابية.
أحسني الظن بالله تعالى؛ فإن الله عند ظن عبده به، كما ورد في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي ، إن ظن خيرا فله ، وإن ظن شرا فله).
من القواعد العامة: أن التغيير في الإنسان ينطلق من ذاته ومن نفسه، فغيري ما في نفسك يغير الله أحوالك إلى الأفضل يقول تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتىٰ يغيروا ما بأنفسهم).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق وصلاح الحال.