السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف، ولدي ابن عمره 3 سنوات تقريبا، ولكن المشكلة في زوجتي، أشعر في بعض المواقف أننا غير متفاهمين، حيث أنها متكبرة وتحب دائما أن أكون أنا المبادر إليها في الصلح حتى وإن كانت هي المخطئة، ففي حالة الشجار مثلا ترد علي بمثل ما أقول لها، وتعبس بوجهها وإن كلمتها لا تنظر لي، وتقابلني بظهرها، وأحيانا تتظاهر بعدم الاستماع، وهذا الطبع لم يفارقها منذ تزوجنا إلى يومنا هذا، وأنا لم أعد أطيقه بتاتا.
كما أنها عنيدة في بعض الأحيان لا تعترف بخطئها عندما تخطئ وتغضب ولا تكلمني لمدة، حاولت معها لمرات نصحتها باللين وبالشدة لكن دون جدوى، ومنذ حوالي أسبوع أو أكثر شددت عليها ووبختها على شيء فعاملتني كما سبق، وبعدها لم تأكل معي على طاولة الطعام، فأغضبتني لدرجة أنني فقدت السيطرة في نفسي وشتمتها وقلت كلاما قبيحا فغضبت وتركت غرفة النوم، وهي الآن تقيم في غرفة أخرى وتنام لوحدها، ولا تدخل غرفة نومي، وقد سبق تكرر هذا التصرف من قبل، لكن لم تفارق الغرفة وإنما هجرتني في المضجع، وأخبرتها ألا تكرر ذلك، وليس لها الحق في هجري، ولكن هذه المرة تركتها وتجاهلتها لأنني أحس أن كرامتي تهان يوما بعد يوم بهذه التصرفات، كما أنني أفكر في الانفصال، فما هو الحل؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ساري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- بارك الله فيك، وأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك.
لا شك أن ما تعانيه ظاهرة لدى كثير من الأزواج، ذلك أن من طبيعة البشر عامة، وفي العلاقات الزوجية خاصة توفر بعض الأزواج، أو الزوجات ممن أبتلين وابتلي بهن ممن يتحلين باللا مبالاة، والتجاهل أو العناد والمزاجية وسوء المعاملة نتيجة التربية الخاطئة، أو لعادة وطبيعة موروثة غير مقصودة وعن حسن نية، وفي الحديث: (استوصوا بالنساء خيرا؛ فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته استمتعت به وبه عوج) متفق عليه.
وربما كانت سلوكياتها الخاطئة نتيجة ضغوط البيت والأولاد والأهل وغيرها، الأمر الذي يستلزم منك التحلي بالصبر والحلم، والحكمة والواقعية وعدم الاستعجال في الوصول إلى الحل، أو الإفراط في مشاعر الضيق والقلق والتوتر.
- تذكر أن كثيرا من الزوجات يصلحن بعامل الصبر والزمن وتكوين الأسرة والأولاد، والخروج من أوضاع الحيض والحمل والولادة، وتذكر أن زوجتك أمانة عندك، وقد اختارتك من بين الناس، ووضعت حياتها ومستقبلها في زورقك، وانظر إلى الجوانب الإيجابية التي تعجبك في زوجتك كتحليها بالدين والخلق والأمانة والجمال والثقافة ونحوها، حيث وإن التركيز على الجوانب السلبية دون الإيجابية، مما يسهم في معاناتك النفسية واتخاذ مواقف وقرارات خاطئة، قال تعالى: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)، وفي الحديث: (لا يفرك -أي يبغض- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر)، رواه مسلم.
- لا تيأس من الدخول معها في حوار متزن وهادئ متحليا بالحكمة والحجة والأسلوب المناسب، ولا مانع -عند اللزوم- من الاستعانة بمن تأنس إليه وتثق به من عقلاء أهلها -لا سيما- من النساء ذوات التجربة الحياتية والأمانة والعقل والصلاح في نصيحتها بالحكمة
- أوصيك بالمحافظة على الصبر والصلاة ولزوم أذكار اليوم والليلة، ومحاولة التأثير الإيجابي على زوجتك فيما يسهم في زيادة رصيدها الإيماني والأخلاقي والعلمي.
- ضرورة التعامل مع زوجتك بمنطق الصبر والحلم، لكن مع الكثير من الحكمة والحزم بالمعروف، فإن استطعت على السفر إليها والقرب منها فافعل، وفي ذلك مصالح كثيرة في تحصيل العفة والتربية الحسنة لها، وسياستها وتقويمها عن طريق القدوة الحسنة منك، وحسن المعاملة بالكلام، والكرم معها بمنطق الابتسامة والتلطف معها، والإحسان إليها (واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)، والتحلي بسعة الصدر وعدم مجاراتها، أو مبادلتها الجدال والغضب والعناد والإساءة، وتعود الاستمتاع بمحادثة زوجتك، واعتبارها الصديقة المحبوبة لديك، وخلق الجو والمناخ الطيب في الحوار، وترك الخصومة ورفع الصوت عند الغضب، وقطع الحديث بهدوء، ثم تذكيرها في وقت آخر بإبداء انزعاجك بهدوء من سوء عباراتها (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن).
- الحرص على زيادة مستوى الهداية والصلاح والاستقامة لدى زوجتك بتقوية الوازع الإيماني والأخلاقي لديها، وذلك بتوفير القدوة الحسنة منك وزيادة التقرب منها والتودد إليها، وتوفير الصحبة الصالحة لها ومشاركتها لقراءة القرآن الكريم والأذكار، والمتابعة للدروس والمحاضرات والبرامج المفيدة.
- لا مانع عند الضرورة وشدة الحاجة من تهذيب زوجتك وتربيتها وفق قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن)، والمقصود بالوعظ هو التذكير بشدة، والمقصود بالهجر في المضجع عدم معاشرتها ولكن في البيت ذاته، والمقصود بالضرب أن يكون غير مبرح، وذلك بأن يكون برفق بنحو عود السواك فحسب، مع التذكير بأن ما يصلح لزجر وردع وتأديب امرأة ما قد لا يصلح مع أخرى، مما يستلزم منك مراعاة ما تراه الأصلح في تقويم نشوز زوجتك بالحكمة والرحمة والرفق.
- الأصل عدم شكوى الأزواج إلى أهلهم إلا عند الضرورة، وذلك فيما لو ثبت لديك تحلي والد زوجتك بالحكمة والحزم والقبول والتأثير لدى زوجتك، فلا مانع عندئذ من الحديث معه بلطف ورفق وهدوء بما لا يظهر منه التسخط والضجر والكراهية من زوجتك.
- لا ينبغي لك التفكير بالطلاق والحال هذه لم تصل إلى هذا المستوى، فالطلاق هو الحل الأخير، فلا يلجأ إليه إلا عند الضرورة حيث يستعصي الحل بعد طول المعالجة والصبر واستحالة الحياة إلى مرارة شديدة وقهر، لا سيما وأن لديكما مولودا مما يترتب على الطلاق الآثار السلبية على الولد والوالدين أيضا.
- أوصيك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء ولزوم الذكر والطاعة، فمن كان مع الله كان الله معه، والقدوة الحسنة في النفس مؤثرة في صلاح الآخرين أيضا.
- أسأل الله تعالى أن يجمع شملكما على محبة وسكن ومودة ورحمة وخير، والله الموفق والمستعان.