طفلي لديه سلوك غير سوي، فكيف أتصرف حيال ذلك؟

0 34

السؤال

السلام عليكم.

ابني عمره خمس سنوات، وصلتني شكوى من مدرسته أنه إذا تضايق من زميلة له في الصف يفتح سحاب فستانها، أو يرفع ذيل فستانها.

تحدثنا معه في هذا الأمر، وبينت له أن هذا لا يصح، وأنه مخطئ، وصرت أؤكد عليه يوميا قبل ذهابه للمدرسة ألا يفعل ذلك مرة أخرى، لكن اليوم كرر هذا التصرف، وتكلمت معي المدرسة وهددت باتخاذ إجراءات ضده، فتحدثت معه بصرامة، وعاقبته بالحرمان من شيء كان ينتظره، فكيف أصحح هذا السلوك لديه؟ وكيف أتعامل مع المدرسة في هذا الموضوع؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

إن الطفل يكتسب السلوكيات ممن حوله وخاصة من أسرته أو من يعيش معهم، ولذلك لا بد من مراقبة ذلك وتعديلها أولا بأول، وإبعاده عن أولئك الأطفال الذين يحملون سلوكيات غير سوية.

الطفل قد يرى والديه يتمازحان فيرفع أحدهما ثوب الآخر مثلا، فيترسخ هذا السلوك في ذهنه فيطبقه، ولذلك يجب ألا يرى الطفل شيئا من ذلك المزاح بين الأبوين، حتى إنه لو رأى أبويه على فراش النوم أثناء العلاقة الحميمية لعلق ذلك المنظر في ذهنه ولطبقه مع الجنس الآخر في أي وقت من مراحل عمره، ولقد رأيت بأم عيني طفلة في عمر الرابعة تلاعب طفلا ذكرا من عمرها ومن ثم تخلع ثيابها وتخلع ثياب ذلك الطفل ثم تجذبه إلى فوقها، فبالله من أين اكتسبت هذه الطفلة في هذا العمر هذا السلوك؟ أليس لأن والديها لا يتحرزان من نظرها.

عليك أن تتحدثي مع طفلك حول فعله ذلك مع الفتيات، وبيني له أن ذلك الفعل خاطئ ولا ينبغي له أن يفعل ذلك، وأن المتوقع منه أن يرفع الشكوى للمدرس أو المربي أو إدارة المدرسة، ثم سليه هل يرضى أن يرى طفلا يفعل مثل ذلك الفعل لأخته وهو يرى، فلا شك أنه سينفر من ذلك السلوك، وعليك أن تكوني على يقين أن طفلك يفهم ما تقولين له.

لا بد من تعاون الأب والأم في تعديل سلوكيات الطفل، وعليكم أن تشعروه بالذنب حين بفعل أمرا خطئا، واحذروا من السخرية منه والقسوة في التعامل معه أو وصفه بالأوصاف السيئة، فذلك سيضعف شخصيته، وعليكم أن تتحينوا الأوقات المناسبة لتوجيهه، فلا يكون أثناء تشتت ذهنه، وأفضل الأوقات لغرس القيم النبيلة أن تكون وهو ممتد على فراش نومه، ويكون توجيهه وغرس القيم السليمة فيه بشكل قصصي، ويستمر في الكلام معه حتى ولو صار نائما، فإنه وإن نامت عيناه فإن العقل الباطن يبقى مستوفرا وواعيا لما يقال له وهذا سيكون له بالغ الأثر -بإذن الله تعالى-.

هنالك كتب وكتيبات مختصة بالآداب والقيم والسلوكيات بشكل قصصي يمكنكم الاستفادة منها، بحيث تحضرين القصة وتقرئينها ثم تقصيها له من فمك مباشرة.

ينبغي تعديل السلوك الخاطئ فور وقوعه من الطفل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك الغلام الذي كانت يده تطيش في إناء الأكل، فقال له مباشرة: (يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) فلا تؤجلوا التعديل، وليكن التعديل بالتي هي أحسن عن طريق مدحه والثناء عليه بأنه جيد ومتميز، ولا ينبغي له أن يفعل ذلك، فإن تكرر منه ذلك الخطأ فقومي بمعاقبته العقوبة التي ترين أنها مناسبة لزجره، مع تبيين أن هذه العقوبة إنما هي بسبب تكرار سلوكه الخاطئ.

التدرج بالعقوبة أمر مهم، فابتدئي بالألفاظ التي تعزز من سلوكياته كأنت بطل وشجاع وتحمل صفات جيدة وذكي وما شابه ذلك، فإن لم ينفع فلا بأس بألفاظ التوبيخ التي تجعله يشعر بالذنب، فإن لم ينفع فبالهجر، فإن لم ينفع فحرمانه من الأشياء التي يحبها، وبهذه الطريقة سوف يترك الطفل السلوكيات الخاطئة.

على المربي أن يثبت على موقفه في ذم السلوكيات الخاطئة والاستمرار في تعديل سلوكيات طفله، لأن التراجع سيعطي للطفل انطباعا أن تعديل سلوكياته ليست بتلك الأهمية، وثبات المربي ومواصلة تعديله لسلوكيات طفله حتى تتحسن ستؤكد للطفل ضرورة التعديل كون مربيه مستمر بذلك، وعلى المربي أن يدرك أن تعديل السلوكيات يحتاج إلى صبر.

على المربي أن يدرك أن أي خطأ سلوكي يقع فيه، فإن الطفل سيلتقط ذلك الخطأ وسيطبقه، وإن رأى الطفل من مربيه نفس الخطأ الذي هو واقع فيه، فإن ذلك سيحدث عنده فصاما نكدا، لأنه سيقول كيف يريد المربي مني أن أترك ما يفعله هو، ولو كان ذلك السلوك خطئا لما فعله هو، فإن كان الطفل يكذب مثلا ووالده يريد أن يعدل ذلك السلوك لكن الأب قد كذب على ولده مرات عديدة فلا يمكن للطفل أن يتقبل التعديل من والده.

لا بد من مكافأة الطفل حين يفعل سلوكا حسنا سواء كانت المكافأة بمدحه لقيامه بذلك السلوك أو بإعطائه هدية رمزية تفرحه وتجعله يثبت على ذلك السلوك.

راقبوا ما يشاهده الولد في شاشة التلفزيون من قصص، ففيها سلوكيات خاطئة كثيرة، والطفل وإن كان صغيرا إلا أن تلك السلوكيات تتراكم في العقل اللاواعي، ثم يأتي الوقت الذي ينفذها ويقلدها على أرض الواقع وقد أشرت لهذا سابقا.

في حال رواية القصص للطفل التي أشرت إليها سابقا لا بد أن تكون متناسبة مع عمره، فلا تقصوا عليه ما لا يتناسب مع سنه ولا بد من التدرج في ذلك.

توجيه الطفل وتعديل سلوكه يجب أن يكون بعيدا عن أنظار الآخرين، لأن ذلك يسبب له إحراجا وانكسارا أمام بقية الأطفال.

على الأبوين أن يشبعا رغبة الطفل في الحصول على الحنان والحب والاحترام والاهتمام والانتباه، لأن حرمان الطفل من ذلك يدفع الطفل للبحث عن الاهتمام عن طريق السلوكيات الخاطئة، فإن فعلها جذب اهتمام الآخرين، ومن ثم استمر في لفت الأنظار بفعل السلوكيات الخاطئة.

حين يفعل الطفل سلوكا خاطئا ينبغي محاورته وسؤاله لماذا فعل ذلك؟ فقد يكون عنده تصور غير ما يتصوره الكبار، ومن ثم ينبغي أن يبين له الصواب من الخطأ، ولا ينبغي للمربي أن يكتفي بذلك التوضيح ويترك الطفل غارقا في الشعور بالذنب، بل لا بد أن يطلب من الطفل الاعتذار والتعهد بألا يكرر ذلك، فإذا فعل فعلى المربي أن يحتضن ذلك الطفل ويقبله ويشعره بالحب والحنان حتى يشعر الطفل بأن مربيه ما يزال يحبه.

المدرسة الناجحة هي التي يكون عندها مشرفون تربويون يقومون بمراقبة سلوكيات الأطفال وتعديلها، أما تضجر تلك المدرسة وتهديدها فهذا ينبئ بأن هذه المدرسة ليست هي المكان الصحيح لطفلك، فإن استطعت أن تنقليه إلى مدرسة أخرى يكون فيها إشراف تربوي فذلك حسن.

آمل أن تنقلي هذه الموجهات لإدارة المدرسة فلعلها تستفيد منها في توجيه الأطفال.

هذه بعض الموجهات التي أسأل الله أن ينفعك بها وأن يكتب لنا ولك الأجر والمثوبة، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات