السؤال
السلام عليكم.
عمري 18 سنة، مشكلتي أني ضعيف الاستيعاب ولا أفهم أغلب الأشياء، سواء دروس المدرسة أو حتى الأمور الحياتية إلا إذا شرحتها أنا لنفسي وببطء وترو، هذا الشيء يجعلني أتجنب مجالسة الناس والتعلم منهم، مما يجعلني أخاف من المستقبل، فأنا مقبل على مسؤوليات كثيرة كالجامعة والزواج والبناء، وكل هذه الأشياء تحتاج مني أن أكون على دراية بها، فمثلا يجب أن أعرف كيف هي مراحل البناء، أو مثلا كيف تعمل السيارة حتى أستطيع مواجهة أي عطل، أو مشكلة قد تحدث مستقبلا، وكل هذه الأشياء تحتاج مني أن أكون سريع البديهة، وقادرا على حل المشاكل.
باختصار أنا جاهل بأمور كثيرة في الحياة، وأرغب أن أكون على دراية بجوانب الحياة المختلفة، وهذا أمر مفروض علي، لكني ضعيف الاستيعاب ولا أفهم إلا إذا تكلمت وشرحت لنفسي، وطبعا هذا شيء لا يتقبله الناس، مما يجعلني لا أجالسهم، وأكون غير اجتماعي، وأكثر ما يقلقني هو خوفي من المستقبل، فكيف لي أن أتكيف أو أوفق بين نمط استيعابي والقدرة على الاستمرار والنجاح بالحياة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ddfghhbbb حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
نصيحتي الأساسية لك هي: ألا تسيء تقدير نفسك، يجب أن لا تحقر ذاتك، هذا أمر مهم جدا، الإنسان الذي لا يدرك الأشياء لا يدري أنه لا يدرك، وأقول لك أنك مدرك لكنك لا تقدر مقدراتك بالصورة الصحيحة، فأول ما أطلبه منك هو أن تتعامل مع نفسك بذكاء، وهذا أمر مطلوب، وهذا العلم نسميه بـ (علم الذكاء العاطفي) أو (علم الذكاء الوجداني)، توجد له كتب كثيرة، يمكنك أن تتطلع على أحدها.
الذكاء الوجداني من خلاله يمكن أن يتعلم الإنسان كيف يقيم نفسه التقييم الصحيح، وكيف يفهم نفسه، ثم كيف يتعامل معها إيجابيا ويسعى في تطويرها، وكذلك كيف يفهم الآخرين ويتعامل معهم إيجابيا. أعتقد أن هذا هو المطلوب منك.
وأريدك أن تكون حسن الاستماع، هذا يساعدك كثيرا في اكتساب المعارف، وتدارس القرآن الكريم بتجويد وتدبر لا شك أنه يحسن التركيز ويحسن من المعرفة، فهذا أيضا أمر أنصحك به.
أن تهتم بصحتك الجسدية وغذائك، وأن تأخذ قسطا كافيا من الراحة من خلال النوم الليلي، وتتجنب النوم النهاري، وأن تمارس الرياضة، هذا يجعل ذهنك يتفتق وتكون حسن التركيز وسريع الاستيعاب.
ما دام لديك رغبة في التعلم فإن شاء الله سوف تتعلم، لأن الرغبة هي الركيزة الأولى، والله تعالى خلقنا بكيفية أننا يمكن أن نتغير، وأكد ذلك بقوله: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن أتاني يمشي أتيته مهرولا) يعني البداية تكون منك والعزم منك والصدق في الطلب منك، ثم ستجد العون والتوفيق منه سبحانه.
يمكننا أن نتطور، لكن أهم شيء أن تكون هنالك رغبة، وبعد ذلك لا تتعجل الأمور، اقرأ، اطلع، جالس أهل المعرفة وأصل الصلاح، وكن حسن الاستماع، ولا تقيم نفسك تقييما سلبيا، هذا هو المطلوب، ولا أعتقد انك في حاجة لأكثر من ذلك.
تنظيم الوقت هو مفتاح النجاح، الذي ينظم وقته بصورة صحيحة يستطيع أن يقوم بأداء أشياء كبيرة وكثيرة وعظيمة في حياته، كل شيء يمكن أن تقوم به: أن تدرس، أن تستوعب، أن تصل في وقتك، أن تمارس الرياضة، أن ترفه عن نفسك، كل هذا يمكنك أن تقوم به، وهذا هو النجاح في الحياة.
أنصحك – أيها الابن الفاضل – ببر الوالدين، وعدم التفريط في الواجبات الاجتماعية، وأن تبني صداقات إيجابية مع الصالحين من الشباب، بهذه الكيفية تطور مهاراتك، تطور في معارفك (العلم والمعرفة)، تكون أكثر ثقة في نفسك، يتحسن لديك الذكاء الوجداني المعرفي الاجتماعي، وتستطيع أن تتخلص من كل هذه الهواجس التي تتحدث عنها وتشغلك.
أما قولك أنك لا تفهم إلا إذا تكلمت مع نفسك وشرحت لنفسك: فهذا موجود لدينا جميعا، كثير من المعلومات لا بد أن نكررها، أن نشرحها لذواتنا، أن نقرأها بصوت مرتفع، هذا أمر طبيعي جدا، فلا تنزعج له أبدا، لأن تأكيد المعلومة وتثبيت المعلومة كثيرا ما يتطلب أن نلقيها على ذواتنا – على أنفسنا – أن نحدث أنفسنا، أن نجعل عقلنا في درجة من الوعي والإدراك واليقظة التي تستوعب المعلومات.
أنت بخير، وعليك بالدعاء، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.