السؤال
السلام عليكم.
اكتشفت مؤخرا خيانة زوجي لي بتعدد علاقاته بالهاتف المحمول، ولم أتوقع هذا الشيء مطلقا، وأنا الآن أعيش صدمة نفسية، ويصعب علي التأقلم مع الوضع، فكرت بالانفصال ولكن أفكر في أطفالي ومستقبلهم، كيف أتخلص من الأفكار والشكوك؟
علما أنه وعدني بالتوبة عندما واجهته.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
تقوية إيمان زوجك من خلال إعانته وتشجيعه على الأعمال الصالحة، وأهمها الصلاة من أفضل العلاجات؛ لأن الإيمان يثمر مراقبة الله تعالى والخوف منه ويردع عن الوقوع في المعاصي، يقول تعالى: (وأقم الصلاة ۖ إن الصلاة تنهىٰ عن الفحشاء والمنكر) وفي الحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن)، والمقصود أنه لا يقع في الذنب في حال كون إيمانه كاملا.
بناء علاقات مع نساء أجانب عبر الهاتف قد يكون لها أسباب، منها: إهمال المرأة زوجها من الكلام العاطفي والعبارات اللطيفة، وتمحورها حول نفسها وانشغالها عنه بوسائل التواصل الاجتماعي التي دمرت كثيرا من البيوت، فصار الرجل يتلاطف مع أصدقائه ومعارفه أكثر من زوجته وأهله، وصارت المرأة تتحدث وتتلاطف مع صديقاتها ومعارفها أكثر من زوجها وأبنائها، وهذا أمر مؤسف، فإذا حرم هذا الطرف أو ذاك من إشباع عاطفته بالحلال لجأ لاستجداء ذلك بالحرام، ما لم يكن في قلبه إيمان يردعه عن ذلك.
أوصيك أن تقتربي أكثر من زوجك ولا تتشاغلي عنه لا بأعمال البيت ولا بالأبناء، وابتدئيه بالكلمات الغزلية العاطفية حتى لم لو لم يبدأ هو، وكوني على سبيل الدوام بأبهى حلة، واجعلي بيتك نظيفا طيبا جذابا.
تعودي على محاورته الحوار البناء مع ترك الهواتف جانبا في حال لقائكما، وأحسني من توديعه إذا خرج للعمل ومن استقباله إذا عاد، وتفنني في طهي ما يحب من الطعام واهتمي بمظهره وهيئي له سبل الرحة في البيت.
ابقي على تواصل معه في حال خروجه بالرسالة التي تحمل دفء المشاعر، مع عدم الإكثار عليه حتى لا يضجر وينفر.
كل منكما يفتقر للثقافة الزوجية فيتعلم ما له وما عليه، ويتعلم الأساليب التي يكسب بها قلب حبيبه ويجتنب ما يجرح مشاعره، وليس ثمة أفضل من الأسلوب النبوي الذي هو أسوتنا وقدوتنا، وقد جمع ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، فالخيرية تشمل كل شيء فما كان يصدر من كل طرف من الخير للناس فالطرف الآخر أحق به، فإذا كان كريما فأهله أحق به وإذا كان حسن الكلام فأهله أحق بذلك وهكذا في كل شيء.
عظي زوجك وذكريه بالله تعالى وخوفيه من عقابه مع تحين الوقت المناسب لذلك، مع سؤاله هل يرضى ما يفعله لأهله لزوجته أو أمه أو أخواته، فإن قال لا فقولي له فكذلك الناس لا يرضون ذلك لأهلهم ومحافظة المرء على أهله تبدأ من محافظته على أعراض الآخرين، لأن الجزاء يكون من جنس العمل.
ساعديه على الاستقامة وترك التحدث مع النساء ولا تفقدي ثقتك به، فالحياة لا تسير إلا بالثقة، فإن كان قد وعدك بالترك فصدقيه ولا تتعبي نفسك بمراقبته والتضييق عليه أو تفتيش هاتفه، فذلك باب من أبواب الشيطان الرجيم، فإن ظهر لك أمر دون تجسس أو تفتيش ومراقبة، فهنا يكون لك حديث، وعليك دوما بالأسلوب الحسن والرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، ولقد أحسنت حين تأنيت في اتخاذ أي قرار فإن أولادك هم من سيكون الضحية إن تعجلت.
لا تيأسي من إصلاح زوجك بل كوني متفائلة بإنه سيصلح شأنه، وظني بالله خيرا فالله عند ظن عبده به فإن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله.
سلطي على زوجك الأصدقاء الصالحين عن طريق زوجاتهم، فالصاحب له أثره وبصماته على من يرافقه، ففي الحديث: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
أود أن يكون لكما دروس شرعية في البيت ولو مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع تقرؤن القرآن وتفسيره والحديث وشرحه مع تخصيص أحاديث الإيمان والرقائق في البداية.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يصلح زوجك ويقر عينيك بصلاحه، إنه سميع مجيب.