فتاة تشكو الفراغ القاتل بعد التخرج

0 369

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
مشكلتي أنني فتاة في الـ (22) من عمري، تخرجت من الكلية في هذا العام، ولم أحصل على وظيفة ولا زوج، وهذا الموضوع مؤرقني جدا، أشعر بفشل وإحباط شديد، أشعر بأنني من الحيوانات المستهلكة غير المنتجة، أشعر بأنني معطلة، أجلس طوال اليوم أمام شاشة التلفاز أو أمام طبق الطعام أو على السرير، أشعر باكتئاب شديد وقلق من المستقبل.

بحثت كثيرا عن الوظيفة ولم يحالفني الحظ، وعندي حساسية شديدة تجاه أمر الزواج، لا أريد أحدا يتكلم في موضوع الخطبة أو الزواج أمامي حتى لو لم يكن الأمر يخصني، تزوجت ابنة عمي وهي أصغر مني، وقد آلمني زواجها كثيرا؛ لأنني لم يتقدم لخطبتي أحد مع أنني لست أقل منها جمالا، وأشعر بأن بوادر الضيق قد بدأت تظهر لدى والدي، أنا فعلا مستاءة من حالي، ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يؤنس وحشتك، وأن يذهب وحدتك، وأن يرزقك عملا طيبا مباركا وزوجا صالحا يكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك فأعتقد أن سبب مشكلتك وأساسها هو أنك قصرت دورك على شيء محدد، ولما لم يتحقق دخلت في هذه المشكلات النفسية وأصابتك هذه الهموم التي أشرت إليها، واسمحي لي أن أقول لك بأن فهمك وتصورك هو سبب ما أنت فيه من المشاكل والهموم التي وردت برسالتك، ولذلك سيكون حديثي معك على عدة محاور رئيسية:

أولا: أنه وكما لا يخفى عليك أن مسألة التوظيف في بلادكم شأنها شأن غيرها في بلاد العالم؛ حيث تتم بحسب الدور والحاجة إلى التخصص، وكل عام تدفع الجامعات السعودية بآلاف الخريجين والخريجات، مع قلة الوظائف وندرتها، مما يقتضي منك ومن أمثالك ضرورة الصبر حتى يصيبك الدور، وكما أنك لا ترضين أن يتقدم أحد عليك في التعيين فكل الناس كذلك، ولهذا ليس أمامك إلا الصبر الجميل الطويل.

ثانيا: ربما يكون تخصصك غير مطلوب بكثرة أو لا حاجة له هذه الفترة، وتلك مشكلة أخرى ليس لها إلا الصبر وليس للناس دخل فيها.

ثالثا: أن مسألة العمل وكذلك الزواج هي من أقدار الله وأرزاقه المقدرة أزلا، وأنه ليس لأحد من الخلق جميعا أي دخل فيها، وإنما أمور العباد كلها تجري وفق قدر الله وحكمته وعلمه وليس للعبد إلا الدعاء مع الأخذ بالأسباب، ثم الرضا والتسليم لأقداره سبحانه جل شأنه، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط ولا يضر إلا نفسه، فاصبري وخذي بالأسباب على قدر استطاعتك، ثم اتركي الأمر لله.

رابعا: لماذا لا تحاولين استغلال هذا الفراغ في تطوير نفسك وتنمية مهاراتك بدلا من هذا الوضع القاتل المدمر؟ إن هناك آلاف الطرق لإخراجك من هذه المحنة ولكنك مع الأسف حصرت نفسك في إطار ضيق ومحدود وهو سبب معاناتك:

(1) لماذا لا تواصلين دراساتك العليا حتى ولو تعملين بها، المهم قضاء الوقت في شيء مفيد وهادف وينمي الشخصية ويزيدها ثقافة ووعيا؟

(2) لماذا لا تحاولين حفظ القرآن الكريم وتضعين برنامجا زمنيا لذلك، وهذا ومما لا شك فيه أفضل بملايين المرات من عشرات المؤهلات؟ إن بمقدورك أن تبدئي في حفظ القرآن وفي نفس الوقت تقيمين حلقة تحفيظ في بيتك أو أي مكان مناسب فتشغلين فراغك بشيء رائع وتقدمين خدمة عظيمة للناس تنفعك في دينك ودنياك.

(3) لماذا لا تحاولين طلب العلم الشرعي ووضع برنامج يومي لذلك حتى تصبحي من الداعيات، أو على الأقل تكونين على علم بأمور دينك، وتزداد صلتك بالله الذي بيده ملكوت كل شيء ويجيب الدعاء.

وأخيرا: أختاه، إن أمامك فرصا عظيمة جدا أشرت إلى بعضها لو أخذت بها فلم ولن تشعري بأي ملل بعد اليوم، فاجتهدي وأقبلي على الله وشرعه، وأكثري من الصيام والقيام، واجتهدي في الدعاء، وعما قريب سوف تحل مشكلاتك كلها وستزفين إلينا البشرى قريبا.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات

لا يوجد استشارات مرتبطة