كثيرا ما ألوم نفسي عند فرحي وبلادي وأهلها يمرون بظروف صعبة، فهل هذا طبيعي؟

0 38

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة مغتربة عن بلدي،عندي مشاكل نفسية الله وحده يعلم كم أعاني بسببها مستمرة منذ سنتين، ومشكلتي الآن هي أن بلادي فرج الله كربها تمر بظروف صعبة، فأنا لم أعد أستطع عيش حياتي بشكل طبيعي بسبب هذا، وأشعر بتأنيب الضمير إذا فعلت شيئا مبهجا أقول: كيف أسعد وبلادي وأهلها يمرون بظروف صعبة. فهل هذا شيء محمود؟ وأيضا إذا ما رأيت أحدا يعاني ابتلاء أكبر من ابتلائي أستحقر نفسي وأشعر بتأنيب الضمير بسبب تألمي من الابتلاء الذي أنا فيه، وكذلك أشعر بتأتيب الضمير عند الدعاء بالفرج، وعند فعل ما هو سبب لإزالة ما أنا فيه من البلاء، وأقول لنفسي أنت ليس فيك شيء لماذ تريدين الفرج! هل هذا طبيعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ.ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يردك من غربتك سالمة غانمة، وأن يعمر ديار المسلمين بالأمن والأمان والسلامة والإسلام، وأن يصلح الأحوال ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

نبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما يصيب المسلم من هم أو غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)، كما أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، واسألي ربنا الصبر والثبات والرضا بما يقدره سبحانه، واعلمي أن الخير في الذي يقدره الله، ولو كشف الحجاب لما تمنى أصحاب البلاء إلا ما قدر لهم لكون المحجوب عنهم هو الأكبر والأسوأ، وإذا رضي الله الإنسان بما قدره الله عليه يصح أسعد الناس، وقد قال عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- : "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار".

وأرجو أن تعلمي أن حصول الشر والأسى لا يمنع من الابتهاج والفرح، وإذا تأملت أوضاع الناس ستجدي الأفراح وسط الجراح، والابتسامة بين الدموع، وأنت مشكورة على مشاعرك النبيلة، لكن نذكر بأن الدنيا تمضي هذه الأفراح والأتراح، فأرحام تدفع وقبور تبلع، ولولا ما غرسه الله في النفوس من سرعة النسيان للمآسي لمات الناس كمدا، والصوب يكون بتحويل حزنك على أهلك أو على مآسي الأمة إلى دعاء صالح وتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وشكر له سبحانه على نعمه، واستخدام النعم في مساعدة المحتاجين، قال تعالى: {اعملوا آل داود شكرا}. والصابر يؤجر، كما أن الشاكر يؤجر، حتى نعرف نعم الله علينا، والنبي وجهنا بأن ننظر دائما إلى من هم أقل منا في كل أمور الدنيا كي لا نزدري نعمة الله علينا، والمؤمنة إذا رأت من هم أكثر منها بلاء تتعاطف معهم وتدعو لهم وتردد في نفسها: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا).

ونحن نوصيك بعدم التوقف عن الدعاء؛ لأن الدعاء هو العبادة، ونحن لا يمكن أن نستغني عن رحمة الرحيم وعن مغفرة ربنا الغفور، وتعوذي بالله من شيطان يحاول أن يصرفك عن الخير، والسلف كانوا يسألون الله ملح الطعام إذا فقدوه، ويسألون ربهم في شسع النعل إذا انقطع، يعني (رباط الحذاء)، وكل ذلك لأنهم أدركوا أن الدعاء عبادة، وأن من يتوجه إلى الله رابح في كل الأحوال، فأما إن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، أو يدفع عنه من البلاء النازل مثلها.

وكلنا بحاجة إلى فرج الله ورحمته علينا وعلى أمتنا، فلا تتوقفي أبدا عن اللجوء إلى من يجيب المضطر ويكشف السوء، وقدمي بين يدي دعائك صلوات وأعمالا صالحات.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات