أشعر بالكآبة لتأخري في الزواج.. هل هذا نقص في الإيمان؟

0 479

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، موظفة وأعيش حياة هادئة، لكنني أعيش بعض الفترات أحس فيها بالكآبة وعدم الاستقرار، وخاصة مشكلة تأخري في الزواج، فهل هذه مسألة طبيعية في حياة الإنسان أم أنها نقص في الإيمان بالله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Iman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يحفظك ويرعاك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد،،

فإن الإيمان للإنسان كالمناعة للأبدان، وإذا ضعفت المناعة كان الجسد عرضة للجراثيم والمكروبات، وإذا نقص الإيمان شعر الإنسان بالخلل والنقصان، وأصبح صيدا سهلا لعدونا الشيطان الذي لا سلطان له على أهل التقوى والإيمان، الذين هم عباد الرحمن أصحاب الذكر والقرآن.

وأرجو أن تحرصي على شكر الله على الحياة الهادئة، واسأليه أن يكمل عليك نعمة العافية، فإن الشكر يحفظ النعم من الزوال، ويضمن لصاحبه الزيادة، ويجلب له النعم الباقية، ولذلك كان السلف يسمون الشكر بالحافظ والجالب، وأفضل علاج للكآبة هو ذكر الله، فإن الذكر هو الحصن الذي يحتمي فيه المؤمن من عدوه الرجيم الذي همه (( ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ))[المجادلة:10].

فإذا شعرت بالكآبة فرددي في يقين دعوة نبي الله يونس عليه وعلى نبينا صلوات الله وسلامه، وقد نقلها لنا القرآن، فقال سبحانه: (( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ))[الأنبياء:87]، ثم قال سبحانه في الآية التي بعدها: (( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ))[الأنبياء:88] فهي ليست له وحده خاصة ولكنها لأهل الإيمان في كل زمان ومكان.

ومما يعينك على التخلص من الكآبة يقينك بأن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وإذا أيقن المؤمن أن كل شيء بقضاء وقدر، ولكل شيء موعد وأجل، فإنه عند ذلك يستريح ويسعد، وسوف يأتيك ما قدره الله في الوقت الذي اختاره، فكوني مع الله، واحرصي على طاعته فإنه سبحانه ولي المؤمنين، ومع أهل الإحسان المتقين، وعليك أن تجتهدي في إرضاء والديك، وصلي أرحامك، وكوني عونا للضعفاء؛ فإن الله في حاجة الإنسان ما دام في حاجة إخوانه.

وأرجو أن تعلمي أن الحياة مليئة بالأكدار، وأنها سجن المؤمن وجنة الكافر، وأنه لا راحة للمؤمن حتى يلقى الله، وقد قيل للإمام أحمد رحمة الله عليه: (متى الراحة؟ فقال: عند أول قدم يضعها الإنسان في الجنة) وقد أحسن الشاعر حين قال عن الدنيا:

جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الأكدار والأقذار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

ولكن أهل الإيمان والطاعة لا تطول بهم لحظات الحزن والكآبة إذا أصيبوا بها؛ لأن الإيمان ينفعهم وذكر الله ينقذهم، وتقوى الله تخرجهم من الهم والغم، قال تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].
وأرجو أن تكشفي ما وهبك الله من النعم لتؤدي شكرها لله، ومما يعينك على ذلك النظر إلى من أهم أقل منك في الصحة والعافية والمال والجمال، فإننا مطالبون في أمور الدنيا أن ننظر إلى من هم أقل منا؛ بخلاف أمور الدين فنحن مطالبون أن ننظر إلى من هم أفضل لنتأسى بهم، فانظري إلى من هو أسفل منك ولا تنظري إلى من هم فوقك؛ كي لا تحقري نعم الله عليك، وإذا طبق الإنسان هذا المعنى العظيم وجد لسانه يلهج بشكر الله المنعم المتفضل سبحانه.

وأرجو أن تعرفي أن الله أعطى هذه مالا، وتلك عافية، وثالثة أعطاها مالا وعافية وحرمها الولد، ورابعة أعطاها عقلا راجحا وجمالا باهرا لكنه حرمها المال والعافية، فالسعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه ويؤدي شكرها، وبذلك ينال المزيد، واعلمي أنه ليس كل متزوجة سعيدة؛ لأن السعادة لا تنال إلا بطاعة الله وذكره، واعلمي أن العمر ساعة فلنجعلها لله طاعة.

وفقك الله لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات