كيف أجمع بين الأمور الدينية والدنيوية دون أن أفتن بالدنيا وزينتها؟

0 38

السؤال

كيف أتصرف بالطريقة الصحيحة مع الفتيات اللاتي ينجذبن ويتوددن إلي؟ كيف أغض بصري عن أقاربي وفيهم الفتيات العزب، والمتزوجات، وفيهم من هو أكبر مني، ومن هو أصغر، ومن يدنو مني في العمر؟

وماذا أفعل إذا اتهمت بأني متزمت ومتشدد ومتكبر ومغرور وكرهوني لأجل ذلك؟ وكيف أتخلص من التوتر والقلق المزمن المستمر الذي أصاب به بسبب ظروف الحياة؟وكيف أتصرف مع أب ظالم متكبر معجب بنفسه .. قاس .. محاد لله ورسوله؟

كيف أجمع بين الأمور الدينية والدنيوية دون أن أفتن بالدنيا وزينتها، وتتسبب في إعراضي عن ذكر الله والدار الآخرة؟

كيف أتصرف مع أناس يعيرونني ويشهرون بعيوبي، ويوبخونني ويلومونني؟

انصحوني، وجهوني، أرشدوني، بارك الله فيكم، وجزيتم الجزاء الأوفى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الفاضل وأخانا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يحفظك ويسددك ويحقق لك في طاعته السعادة والآمال.

لا يخفى عليك أن في غض البصر خيرا لك وحماية لك ولقريباتك، ولا مانع من أن تهتم بالقريبات بالسؤال عن الأحوال والمساعدة المادية إذا تطلب الوضع، وإذا وقع بصرك على إحدى قريباتك فلا تكرر النظر وتركز، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة فقال: (إنما لك الأولى وليست لك الثانية)، والآية فيها عبارة {من أبصارهم}، فالنظر المسموح به هو ما كان مفاجئا، أو ما يتطلبه السير في الطريق والتعامل مع النساء، وختام الآية بقوله: {إن الله خبير بما يصنعون} فيه إشارة إلى أن التعامل مع العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى، والله وحده هو الذي يطلع على القلوب، ولكن الشريعة تسد الباب وتدعو الرجال والنساء إلى غض البصر، والنظر سهم من سهام إبليس المسمومة.

ومما يعينك على ذلك بيان الأحكام الشرعية لأهلك جميعا، فتعلم الشرع فيه العون على تجاوز المشكلات.

أما بالنسبة لاتهامهم لك بالتزمت فإنه لا يضرك، والأنبياء لم يسلموا من الناس فكيف بنا نحن، ونؤكد لك أن ثباتك وإصرارك واستمرارك على التقيد بأحكام الشرع مع ارتفاع الوعي في المجتمع سوف يغير الوضع إلى الأحسن.

ولا شك أن غض البصر والطاعة للسميع البصير من أهم ما يذهب عنك التوتر والقلق وكافة العلل، كما أن رضاك بقضاء الله وقدره سبب للفوز بالرضا والسعادة.

لا يخفى على أمثالك أن الأب يظل أبا له حقوق حتى لو قصر، فاحرص على القيام بما عليك من البر، وتلطف معه، واختار الأوقات المناسبة لنصحه، واتخذ خليل الرحمن لك قدوة، حيث كان لطيفا مع والده، رغم أنه كان على الشرك بالله، وكان يردد {يا أبت}، {يا أبت}. والوالد العاصي له حقوق ولكننا لا نطيعه إذا أمر بالمعصية، ويبقى له حق الصحبة بالمعروف، قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}، ثم قال سبحانه: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}، واعلم أن قسوة الأب وأخطاءه لا تقابل بالخطأ؛ لأن البر عبادة لرب العالمين، وهو سبحانه يجازي المحسن على إحسانه، ويعاقب المسيء على تقصيره.

والدنيا مطيتنا إلى الآخرة ومزرعتنا، وهي دار العمل، كما قال الصحابي الجليل أبي بن كعب -رضي الله عنه-، وقال ربنا العظيم: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}، وأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- تعاملوا مع الدنيا، بل كان فيهم أغنياء أقبلت عليهم الدنيا لكنها كانت في أيديهم ولم تسيطر على قلوبهم العامرة بحب الله والإيمان به، واستخدموا ما جاءهم من الدنيا في طاعة رب الدنيا والآخرة سبحانه.

إذا ذكر الناس عيوبك فاحرص على التصحيح إذا كانوا صادقين، واحتسب الأجر والثواب إذا لم يكونوا على الصدق، وحق لك أن تستبشر لأنهم يهدوا إليك الحسنات، وأنت أعرف بنفسك، ولن يضرك كلام الناس فيك، وسوف يعود الشر إلى كل ظالم، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، واشتغل بما خلقت له، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسعد بتواصلك مع موقعك.

مواد ذات صلة

الاستشارات