السؤال
السلام عليكم.
أعاني من حالة غريبة جدا، منذ صغري كانت تأتيني وأنا وحدي بالمنزل، وهي شعور غريب تجاه الواقع، وأن الأمور غير منطقية، وكأني داخل حلم، وأشعر بالهلع والخوف!
كانت تأتيني وحدي دائما، ولكن مرة حصلت أمام مدرستي وأصدقائي، ووقتها فقدت الشعور بمعاني الأشياء، يعني كنت أتكلم مع أخي على الهاتف أمام أصدقائي وفجأة بدأت أتأتئ في الكلام، وأقول له: أنت بتكلمينىي ليه، أحدثه على أنه مؤنث، ولا أعلم كيف، وفي عقلي أعلم أن هذا خطأ، ولكن لا أستطيع التحكم فيه، وقاموا بالسخرية والضحك علي، مر الموقف، وتقريبا قل هذا حتى انتهى، ولم تظهر الحالة مرة أخرى عندما كبرت، ولكن أصبت بالخوف من الناس والرهاب، لأني تعرضت للتنمر وأنا صغيرة، وحتى الآن لم أنس، ودائما أتساءل لماذا أنا؟ وأيضا أعاني من الوسواس القهري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنالك حالات تندرج تحت ما يسمى بـ (عصاب الطفولة واليفاعة)، يتكون من نوع من التوترات، مشاكل الهوية، مشاكل الانتماء، قد تكون هنالك نوع من الانزلاقات في الكلام عند الانفعالات، تحورات هيستيرية أو ما يسمى بـ (التحورات التحولية)، هذه كلها تأتي في بعض الأحيان، وأعتقد أن الذي حدث لك يأتي تحت هذه المجموعة من الانفعالات النفسية القلقية السلبية المتعلقة باليافعة والطفولة، والحمد لله الأمر انتهى وانقشع، ولا تشغلي نفسك به.
ما تعانين منه الآن من خوف وشيء من الرهاب والوسوسة أراه يأتي تحت ما نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة)، يظهر أن شخصيتك أصلا لديها القابلية والاستعداد لمثل هذه الأعراض العصابية، وهذه يمكن تجاوزها كلها.
الآن أنت في قمة نضوجك النفسي والوجداني والعقلي، ويمكن أن تتخطي كل هذه الصعاب النفسية، بأن تكوني إيجابية في تفكيرك، بأن تتطوري في عملك، أن تحسني صلتك الاجتماعية، أن تنظمي وقتك بصورة جيدة، وأنصحك حقيقة بالدخول في مشروع، سميه (مشروع الحياة)، أساسه أن تحفظي شيئا من القرآن الكريم، وأن تتدارسي القرآن الكريم، وهذا يتطلب أن تلتحقي بمعهد – مثلا – لحفظ وتدارس القرآن، اجعلي ذلك مشروع حياتك.
مثل هذه التجارب ومثل هذه الخبرات ومثل هذه المكتسبات تزيد من مهارات الإنسان، وتقويه، وتقلل من هذه الوسوسة والخوف والرهاب من مقابلة الناس، سوف ينتهي تماما، لأنك سوف تتفاعلين تفاعلا اجتماعيا إيجابيا في مجتمع آمن، وهو مجتمع أهل القرآن.
أيضا الانخراط في الأعمال الخيرية والأعمال التطوعية الاجتماعية وجدناه من أفضل ما يفيد الناس من حيث بناء شخصياتهم وتطوير مهاراتهم، وعلى نطاق العمل والدراسة: لماذا لا تفكرين في الانخراط في دراسة ماجستير مثلا، أو الحصول على شهادات عليا أخرى؟
طاقات القلق والخوف والوسوسة يمكن أن نحولها إلى طاقات إيجابية جدا، وذلك من خلال استهلاكها، بأن ندخل في مشاريع دراسية أو اجتماعية... كثير من الناس بعد أن يكملون دراساتهم ويتقلدون وظائفهم يحتقن لديهم القلق – ما نسميه بقلق الأداء – القلق الذي أفادهم للحصول على مكتسباتهم العلمية والمهنية، بعد أن وصلوا إلى مبتغاهم يحتقن هذا القلق داخليا ويسبب أعراض كثيرة من النوع الذي تشتكين منه.
فإذا هذا القلق حتى لا يحتقن، وحتى لا يكون قلقا سلبيا، ونجعله قلقا إيجابيا يجب أن يكون دائما في مخيلتنا شيء من التخطيط الإيجابي الذي يقودنا إلى المزيد من التطور والإنجاز.
هذه هي نصيحتي لك، ولا أعتقد أبدا أنك في حاجة لأي علاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.