لا أستمتع بالحياة وأحب العزلة، ولا أستقر في عمل ولا زواج، فماذا أفعل؟

0 36

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحب العزلة وأستمتع بها، ولا أخرج من البيت، بداية رحلتي في العيادات النفسية عندما كان عمري 17 سنة، وكنت إنسانا خجولا ولدي رهاب اجتماعي ومخاوف، وانقطعت عن الدراسة.

أخذت السيبرالكس وتحسن مزاجي كثيرا، أحببت الدواء، ثم بعد فترة توظفت، ثم لاحظت أني أهتم كثيرا بالنساء ومولع بهن، وأصبحت مبذرا للمال.

مع الاستمرار على السيبرالكس خف لدي الرهاب والمخاوف حتى جاء اليوم الذي شعرت بالإحباط في العلاقات، فكنت أغيب عن العمل كثيرا إلى أن فصلوني عن العمل، وتركت السيبرالكس وأصبحت انطوائيا، ورجع الرهاب، وبعد فترة ذهبت للطبيب النفسي وأعطاني السيروكسات (سي أو) واللمكتال، وحسن مزاجي وزال الرهاب، ولكن بنفس الوقت أصبحت مبذرا للمال في وظيفتي الثانية، وصرت أكره زوجتي إلى أن طلقتها، ثم تزوجت مرة أخرى وطلقتها، ثم تزوجت وطلقت، ثم تزوجت وطلقت، فتركت الأدوية، ثم أصبحت منعزلا أكثر ولا أبالي بما يدور حولي، ونادرا ما أجلس مع أهلي.

الآن أنا على وظيفة ثالثة وأكره العمل، ونفسيتي تعبت كثيرا بسبب الرهاب، وأصبت باكتئاب شديد جدا لدرجة أني كنت طوال اليوم ألازم السرير.

لقد استخدمت جميع الأدوية النفسية، منها مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب، ولم تناسبني، علما أني لا أواظب على الدواء أكثر من 10 أيام؛ لأن أحس أن الوقت بطيء، فماذا أفعل؟ كيف العلاج؟ وما هو الدواء المناسب لي؟ علما أني آخذ الزولفت 100 ملجرام منذ 5 أيام، وأخاف أن أغير رأيي فيه.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: أنت تعرف الداء وتعرف الدواء، الإنسان لا بد أن يكون حازما مع نفسه، الله تعالى أعطانا قوة العقل والإرادة والتفكير، وأعطانا الخيار لأن نغير أنفسنا، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، لا يمكن للإنسان المستبصر أن يعرف الخطأ ثم يقع فيه، أنا أعتقد أنك تهاونت مع نفسك في بعض الأحيان، والانعزالية والانغلاق على الذات هي من العلل النفسية الكبيرة، الإنسان أصلا اجتماعي بطبعه، ويجب أن يكون كذلك، لا تتحسر على الماضي -إن شاء الله- أنت لم تفقد الكثير، لكن ابدأ الآن حياة جادة، وكن صارما مع نفسك، واجعل لحياتك معنى.

الطلاق المتكرر أعتقد أن سببه أنك لم تجعل لحياتك معنى، أنك لم تكن تدرك قيمة الزواج، وأن الزواج هو ميثاق غليظ، وأنه سكينة ومودة ورحمة واحترام متبادل بين الأزواج.

فيا أخي الكريم: لا بد أن تجعل لكل شيء قيمة، لتدرك هذه القيمة، وتتصرف حسب هذه القيمة، وكذلك العمل، العمل قيمة عظيمة، وقيمة الرجل في العمل، الرجل بدون عمل لا فائدة فيه أبدا.

إذا أنت محتاج أن تستشعر أهمية الأمور، وتكون صارما مع نفسك فيما يتعلق بالتهاون.

أمر آخر مهم جدا، هو: أن تبني علاقات اجتماعية، وأن تقوم بالواجبات الاجتماعية، عود نفسك أن تلبي الدعوات (الأفراح وغيرها)، أن تشارك الناس في مناسباتهم، في أفراحهم، في أحزانهم، أن تزور المرضى – أخي الكريم – أن تمشي في الجنائز، أن تصل رحمك، أن تبني صداقات ممتازة، أن ترفه نفسك بأن تقضي وقتا جميلا مع أصدقائك، هذه قيمة الحياة، وبر الوالدين هو أساس من الأسس التي تطور الصحة النفسية والذهنية عند الإنسان، فلا تحرم نفسك من هذا أبدا.

أنت صغير في السن، وفي سن الشباب، وحباك الله تعالى بطاقات عظيمة، التجارب السالبة السابقة كلها يجب أن تستفيد منها لتقوم بتجارب جديدة، تجارب تكون أكثر إيجابية، تكون فيها أكثر نفعا لنفسك وللآخرين.

أنت محتاج أن تتعامل مع نفسك على هذا الأساس، محتاج أن تتعامل مع نفسك بذكاء، لذا أريدك أن تتطلع على علم الذكاء الوجداني – أو الذكاء العاطفي – هذا علم مهم جدا وضروري جدا، وهو من العلوم المكتشفة حديثا، من خلال الذكاء الوجداني أو العاطفي يتعلم الإنسان كيف يتعامل مع نفسه، ويفهم نفسه، وتكون المعاملة مع الذات إيجابية، وكيف يفهم الآخرين، ويتواصل معهم ويتعامل معهم إيجابيا.

توجد كتب كثيرة جدا في المكتبات عن الذكاء الوجداني، فحاول أن تحصل على أحد هذه الكتب، وحاول أن تستوعبه بصورة صحيحة وتتدارسه، وتطبق ما به، أعتقد أن ذلك سيفيدك كثيرا.

علاجك ليس علاجا دوائيا في المقام الأول، وإن كانت الأدوية لها دور.

أنت حين كنت تتناول السبرالكس – كما ذكرت – لاحظت أنك بدأت في التبذير، وشيء من اللامبالاة، وهذا يجعلني أستوقف وأسأل: هل كانت لديك درجة من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية أم لا؟ وذلك بجانب الرهاب، وتناول للامكتال ربما يكون لهذا السبب.

عموما: الآن أنت تتناول الزولفت بجرعة مائة مليجرام، وأعتقد أن هذه جرعة كافية جدا، ومفيدة -إن شاء الله تعالى- ويمكن أن تدعمه بعقار (رزبريادون)، تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات