زوجي لم يعد يهتم بي وبأولاده، ولا يهمه إلا أهله وأصدقاءه!

0 29

السؤال

متعبة كثيرا، وأشعر أن حياتي انقلبت رأسا على عقب، أرشدوني ماذا علي أن أفعل؟ فأشعر بأن السبل قد ضاقت بي!

زوجي لا يهمه إلا نفسه وأهله وأصدقاءه، وأنا آخر همه!

انتقلنا منذ سنتين للعيش في بلدنا بعدما كنا مغتربين في أحد الدول، أنزلني زوجي أنا وأطفالي وبقي هو يعمل خارج البلاد، يجلس عندنا أسبوعين ويسافر أسبوعين، أسكنني بجانب أهله، وما يتعبني أنه عند قدومه يتصرف وكأنه في إجازة، كما كنا بالسابق يقضي كل النهار في بيت أهله، وكل الليل مع أصحابه، كل النشاطات التي كنا نقوم بها سويا أصبح يقوم بها مع أصحابه وأهله، حتى عند شراء احتياجات البيت لم أعد أستطع أن أشعر بجو العائلة، فأشعر بعدم الراحة والاستقرار، حتى أولادي لم يعودوا يشعروا بأي استقرار!

لم يعد زوجي يهتم لي أبدا، وأصبحت آخر اهتماماته، حتى وإن غضبت قلب الموضوع والخطأ كله علي، ودائما ما يهددني بالطلاق، ويقوم بالغلط علي وعلى أهلي ويمد يده علي!

أمي متوفية وأبي خارج البلاد، وكل من إخوتي متزوج، وهذا الشيء يجعله يتمادى بما يفعله معي. أعرف أن لأهله عليه حق ولنفسه عليه حق، لكن أين حقي؟ أوليس لي حق أيضا!

حاولت بكل ما أستطيع أن أحاول أن أكسبه وأعيد حياتنا كما كانت -ولن أستطيع-، قام بفتح باب من بيتي لأهله ولم أعد أشعر بالاستقلالية التي كنت أشعر بها!

أنا إنسانة أحب جو العائلة كثيرا، وأن نخرج سويا ونجلس سويا، ولكنه عكسي تماما، أحتاج أن أسمع منه كلاما يسعدني أو أن أشعر بحبه لي أو حتى وجودي، كل ما يقوم به هو أن ينتقدني ويجعلني المخطئة في كل شيء!

أريد أن تعود حياتي كما كانت عندما كنا بالخارج!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن .و حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
فلا شك أن مطلب كل أحد في هذه الحياة أن تكون حياته طيبة ومستقرة وينعم مع أسرته بالطمأنينة غير أن هنالك تقلبات في حياة الإنسان سواء كان ذكرا أو أنثى، وهذه التقلبات لها مسبباتها فإما أن تكون من مبدأ الحياة الزوجية، فهذه ترجع إلى صفات وراثية في الغالب أو ناتجة عن ثقافة صاحبها، وأما إن كانت طارئة فتلك تكون مكتسبة من خلال المعارف والأصدقاء أو الثقافة الخاطئة.

تغير الإنسان من حال إلى أخرى أمر ممكن وليس محالا بشرط أن تكون عنده رغبة في تغيير سلوكياته وأن يكون متواضعا قابلا للنصح والتوجيه.

أفضل ما يجعل حياة الإنسان طيبة وهادئة هو الإيمان والعمل الصالح وذلك هو العلاج الرباني، يقول سبحانه وتعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

انعدام النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأنانية التي يصاب بها بعض الناس تجعل الصفات تتجذر في الإنسان، فمثلا أنانية الأهل وعدم أمرهم ولدهم بالمعروف بحيث يكون متزنا في علاقاته فيعطي كل ذي حق حقه يجعله يظن أنه على حق في تصرفاته، فالوالدان ما لم يأمرا ولدهما بأن يلتفت إلى أسرته تجعله يهملهم بحجة أن حق الوالدين عظيم وأنه بار بهما، ونسيا أنه يجب عليهم أن يكونوا خائفين عليه من عقوبة الله بتركه وإهماله لأسرته، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولزورك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه).

الرفقة السيئة تحرص على أن ينحرف كل من يلتحق بهم ويصير سابحا في فلكهم، فهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف بخلاف الرفقة الصالحة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

الذي أوصيك به الصبر وتغيير وتنويع أساليب التعامل مع زوجك مع تحين الأوقات المناسبة للحوار معه بخصوص حقوق الأسرة.

عليك أن تتعرفي على الأسباب التي تجعله لا يبقى معكم في البيت فإن كانت هنالك أسباب فاعملي على إزالتها.

عليك أن تتعرفي على نقاط ضعفه فتضغطي عليه من خلالها كأن يكون يحب أولاده كثيرا فاجعليهم يطلبون من والدهم أن يجلس معهم وأن يأخذهم خارج البيت للتنزه.

من المهم أن تتحدثي معه حول ما يحتاجه الأبناء في هذه المرحلة من عمرهم، فكما أنهم محتاجين لأمهم فهم بأمس الحاجة لأبيهم ولا تكتمل تربيتهم ولا تكوين شخصياتهم إلا من خلال تعاون الأب والأم، فعله أن يدرك الخطأ ويشعر بالمسئولية.

اجتهدي في تغيير رفقته قدر استطاعتك وذلك من خلال الصالحين من أزواج رفيقاتك بحيث لا يشعر أن لك بذلك يدا.

قد يكون من النافع أحيانا أن تخالطي أسرته أنت وأولادك بحيث تكونين مع زوجك في الوقت الذي يكون معهم وذلك من باب عدم تركه يختلي بهم ويتركك، فلربما لو شعروا بشيء من الضيق يدركون معاناتك فيأمرونه بالجلوس معك.

لست أدري هل يدرك أهله أنه إذا خرج من البيت لا يرجع إلا آخر الليل لينام، فإن كانوا لا يعرفون فانظري في الطريقة التي توصلين فيه الكلام إليهم.

من النافع أن تكون علاقتك بولديه متينة بحيث تكون أمه كأمك ووالده كوالدك فتقومين بخدمتهما والتقرب إليهما وتكسبين قلبيهما، وفي هذه الحالة سيكون لك منزلة عندهما تمكنك من التظلم فيرفعون عنك الظلم.

اقتربي أكثر من والديه وعامليهما كمعاملتك لوالديك ومن ثم إذا تسللت إلى قلبيهما تشعريهما بما تعانينه فلعلهما ينصحانه وبما أنه يودهما سيقبل ذلك النصح.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وسلي الله تعالى أن يصلح زوجك ويلهمه الرشد ويؤلف بين قلبيكما ويصرف عنه رفقاء السوء.

حين يغرق البعض في بعض الجزئيات يفقد التوازن في حياته فيحرم بعض من حوله من حقوقهم كما هو الحال مع زوجك، ولا أدري هل يشعر بهذا الخطأ أم لا! والذي يبدو لي أنه لا يشعر بوخز الضمير بل يظن أنه سائر في الطريق الصواب، والسبب في هذا يرجع إلى ضعف في إيمانه ومراقبته لله سبحانه وتعالى والله أعلم.

أنا على يقين أنك لو استطعت أن ترفعي من منسوب إيمانه لتغيرت سلوكياته ولحلت كل مشاكلك، فاجتهدي في ذلك من خلال عدة أمور منها تشجيعه للعمل الصالح وخاصة ما فرض الله عليه، ثم نوافل الصلاة، والصوم، وتلاوة قرآن، والمحافظة على الذكر وما شاكل ذلك.

لا تغفلي تفقد نفسك من الناحية الإيمانية وأن تفتشي في حياتك، فلعل ثمة ذنب لم تتوبي منه، وأنا هنا لا أتهمك بشيء أبدا لكن كلنا أصحاب ذنوب وأقلها الغيبة والنميمة التي لا يكاد يسلم منها أحد، فالذنوب بارك الله فيك من أسباب نزول البلاء وحلول المشاكل وحرمان الرزق، يقول تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)، ومن أفضل الرزق الاستقرار في الحياة.

أوصيك -أيتها الفاضلة- أن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة، وأن تنشغلي في تزكية نفسك، ومع هذا فلا تغفلي العناية بمظهرك مهما كانت المشاكل الحاصلة، وقومي بواجباتك على النحو الذي يرضي الله عنك.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

سلطي عليه الأولاد ليطلبوا منه البقاء والخروج معهم وإعطائهم حقوقهم، فهذا سيجعله يحرج من أبنائه لأنه سيشعر أن أبناءه قد يخرجون عن سيطرته، وعليك أن تلقنيهم كيف يتكلمون مع أبيهم وليتزعم الكلام معه من هو أقرب إلى قلبه.

مع هذا كله لا تغفلي أن تكوني دوما بأبهى حلة فلا تهملي تجملك ولا لباسك ولا نظافة منزلك.

إن رأيت منه تحسنا فبادليه بتحسن منك وشجعيه على أن يكون في أحسن حال وعديه أنك ستبذلين قصارى جهدك لإسعاده.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم زوجك الرشد وأن يصلحه ويلهمه الرشد إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات