كيفية التعامل مع عصبية الأم وانفعالها في ظل الخوف من أثر ذلك على الأولاد

0 454

السؤال

أحب أمي حبا كثيرا، لكنها تدفعني وإخوتي لعقوقها، لأنها عصبية وسريعة الغضب والانفعال وكثيرة الدعاء علينا، وقد دعت على أختي مرة بألا يرزقها ذرية، وإن رزقها الله رزقها المعاقين وألا يشفوا! أنا أعلم أن بداخلها أما رائعة، فقد أحسنت تربيتنا، لكن هي في أغلب الأحيان قاسية، لا أدري إن كان السبب زواجها من أبي مكرهة وبإرغام والديها، علما أن فارف السن بينهما (12) سنة، هل هذا سبب معاناتها وقسوتها، أم أن أمي مريضة نفسيا؟ لأنها تعاني من القولون العصبي.

كما أنها تعاني من هوس النظافة، فهي تتسلط على إخوتي وتقسو عليهم وتمنعهم من الحركة واللعب لأجل النظافة، أمي لا تحسن التفاهم والتحاور معنا، وأرى إخوتي يتهاوون ويفشلون مع أنهم أذكياء ومتميزون، إلا أنها لا ترى فينا غير الجانب المظلم، أخشى أن تفقد إخوتي فكلهم للمنزل كارهون ومبغضون نتيجة أفعالها تلك، ماذا نفعل لإصلاحها ولنبقى على برها؟ أخشى على إخوتي نار العقوق خاصة الذكور، أرجوكم ساعدوني لأني أحب أمي وأخشى خسارتها أو عقوقها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يعينكم على بر هذه الوالدة، وأن يلهمنا السداد والرشاد، وأن يعينكم جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد:

فإنكم تؤجرون على بر هذه الوالدة العزيزة، وتثابون بإذن الله على صبركم عليها واحتمال عصبيتها، بل إن هذا هو الواجب عليكم، وأرجو أن تحرصوا على إزالة أسباب توترها؛ وذلك من خلال الاهتمام بالنظافة وتحمل مسئولية ترتيب المنزل، وتقدير مشاعر الوالدة تجاهكم، فإن آباءنا والأمهات يريدون أن يروا من أبنائهم وبناتهم المشاركة في تحمل المسئوليات، ولو في إطار خدمة أنفسهم وترتيب أغراضهم الخاصة، ونظافة أماكن جلوسهم على الأقل.

وليس من المصلحة منع الأطفال من اللعب والحركة، ولكن من المفيد إشراكهم في إصلاح ما أفسدوه، وترتيب ما حركوه أثناء لعبهم، وبذلك نؤهلهم لمواجهة مسئوليات الحياة مستقبلا، ونمكنهم من تفريغ ما عندهم من الطاقات.

ولم يتضح لي موقفك بين إخوتك، ولكنك معلمة ولله الحمد، فعليك أن تحاولي تولي مسئوليات إخوانك وإجراء حوارات معهم، وتحريضهم على بر الوالدة، وتقدير مشاعرها النبيلة تجاههم، وإن لم تحسن التعبير عنها أحيانا فالعبرة بقصدها الجميل.

وأرجو أن تختاري كذلك لحظات الصفاء النفسي للوالدة، وتذكريها بالآثار السلبية لقسوتها مع الأبناء؛ لأن ذلك سوف يدفعهم للهروب من المنزل، ثم الارتماء في أحضان أصدقاء السوء، وعندها لن ينفع الندم.

لا يخفى عليكم آثار هذا المرض على الإنسان، وكيف أنه يجعله عرضة للتوتر السريع، ومن واجبكم تقدير ذلك، وتفهم حالة الوالدة، والدعاء لها بالشفاء، مع ضرورة الحرص على إبعاد أسباب التوتر عنها؛ لأن في ذلك صيانة لصحتها وعلاجا لتوترها المستمر.

أرجو أن نتفهم عقلية الأجيال الجديدة ونحسن التعامل معهم؛ فإنهم خلقوا لزمان غير زماننا، وكذلك ينبغي أن نفهم هؤلاء الشباب أن طاعة الوالدة من طاعة الله، وأنها سبب لكل توفيق ونجاح، فإن الله يكافئ على البر في الدنيا والآخرة، ويعاقب على العقوق في الدنيا والآخرة، وكما تدين تدان.

نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات