السؤال
السلام عليكم
كيف أمنع ابنتي البالغة من العمر 11 سنة من الاستخدام السيء لمواقع التواصل الاجتماعي بطريقة محببة لها؟ حيث أنني تفاجأت بها وهي تريني مقطعا لفيديو لها وهي ترقص على أغنية أجنبية في مواقع التواصل الاجتماعي، وأريد أن أمنعها من هذا التصرف ولكن ليس بالإكراه.
والدتهم تعلم عن هذه الأشياء ولم تخبرني، ولم تحاول تصحيح المشكلة أو تنبيه ابنتي، وأنا سعيد لثقتها بي، وأنها أبلغتني بكل شيء، لا أريد هدم تلك الثقة حتى لا تخفي عني مرة أخرى.
أرجو الرد وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمرحبا أيها -الأخ الكريم الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام بأمر أبنائك الصغار، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا في أبنائنا وبهم الآمال، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي وهذه التقنية الآن -الإنترنت بما فيه- هو مصدر خطورة كبيرة علينا وعلى أبنائنا الصغار؛ لأن هذا العالم المفتوح الذي فيه الغث والثمين، فيه النافع وفيه الضار، والمؤسف أن الضار مشوق وفيه ما يلفت النظر، وأن هؤلاء الصغار أيضا عندهم قدرات على الدخول إلى أشياء لا نريد لهم الوصول إليها، ولذلك أوصيك أولا بما يلي:
1. عليك وعلى أمهم بكثرة الدعاء لهم ولأنفسكم.
2. لا بد من خطة موحدة بينك وبين الوالدة، والدة هؤلاء الصغار، وأرجو أن تتناقشا بعيدا عنهم عن خطورة ما يمكن يحصل في حالة التوسع في هذه الأمور، دون أن توجه لها أصابع الاتهام، ولكن من الضروري أن نشعر بمسؤوليتنا، فكلنا راع ومسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، وكذلك المرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها.
3. لا بد من تقنين هذا الاستخدام لهذه الأجهزة.
4. لا بد أن يكون لك وجود فعلي مع هؤلاء الصغار، وكذلك للأم، فإن الأفضل لهؤلاء الصغار أن يمارسوا ألعابا طبيعية بعيدة عن هذه الألعاب الالكترونية، الألعاب الالكترونية فيها أضرار كثيرة جدا، وتعطل عندهم قدرات وطاقات، تعطل قدرات نفسية وتنموية وجسمية وعقلية، ولها أضرار عليهم؛ لأنها أولا ثقافة معلبة، ولأنها ثقافة ليس فيها حركة، ولأن المشاركة فيها ضعيفة، ولأنها إن كان فيها مشاركة فإنها مشاركة بين أناس لا خلاق لهم، وبالتالي علينا تقليل اللحظات التي يكون فيها هؤلاء الصغار أمام هذه الأجهزة.
5. كذلك أيضا ينبغي أن تستفيد من مساحة الثقة، التي ينبغي أن تكون موجودة، واعلم أن هذه الصغيرة عندما تنظر أو تريك أشياء لا تليق هي لا تنظر لنفس النظرة التي ننظر إليها، ولكن الخطورة أن هذه بدايات لا توصل لنهايات مبشرة، ولكن ينبغي أن نتعامل مع الوضع بهدوء، نجتهد في أن نبعدهم عن كل ما يخدش الحياء، كل ما هو خطير عليهم، كل شيء هو أكبر من عقولهم ومن سنواتهم وسني عمرهم.
6. كذلك أيضا ينبغي أن نكون حاضرين في ألعابهم، مشاركين لهم فيها، نجتهد في أن ننتقي لهم المفيد؛ حتى في الألعاب هناك أشياء مفيدة (نافعة) التي ليس فيها ضرر عليهم، فكون هذه الصغيرة تبادر وتريك ما شاهدت هذا يدل على براءة، ويدل على أن الأمور -ولله الحمد- في إطار جيد، وبالتالي أنت في حاجة فعلا لأن تستفيد من هذه الإقبال منها، ويكون التوجيه بطريقة لطيفة.
7. أيضا علينا أن نجتهد في البحث عن برامج بديلة مشوقة، وهذا تحد كبير أمامنا كدعاة ومربين وإعلاميين، ينبغي أن نبحث عن برامج مشوقة، ونحن دائما نقول: لا يجد الأطفال ألذ وأحلى عندهم من هذه الأجهزة من لعب الآباء والأمهات معهم ومشاركتهم في ألعابهم وهمومهم.
8. كذلك ينبغي أن تتدرج معها، تحاول أن تبين لها أن هناك أشياء ضارة بالنسبة لها، وهناك أشياء يمنعها الدين، ليس من المصلحة أن يشاهدها الإنسان.
9. تجتهد أيضا إذا كان هناك وسائل للحجب، تستطيع أن تحجب بها الأشياء السيئة والمواقع السيئة، فهذا سيكون جيدا، مع أنه ليس نهائيا، لأن المهم هو أن نملكهم قيم ونعطيهم قدرات يستطيعون أن ينتقوا لأنفسهم الجيد فيستفيدون منه، والسيء ليبتعدوا عنه.
10. الوالدة أيضا ينبغي أن يكون بينكم جلسة -حبذا- بعد أن ينام هؤلاء الصغار، تتحاوروا فيما حصل في اليوم، وتتعاونوا على البر والتقوى في إبعاد كل شيء سيء، ليس من الضروري أن يقوم الجميع بالتوجيه، لكن من الضروري أن تعرفوا جميعا خطورة ما يحصل، ولكن الموجه هو أنت، إذا كانت الطفلة قريبة منك، أو تكن الموجه هي الأم إذا كان الولد -مثلا- قريبا منها ويستمع إلى أمه، المهم أن يكون التوجيه موحدا والكلام منسقا فيما بينكم، حتى تصل المعلومة الواضحة للأبناء في وقتها المناسب وبطريقتها المناسبة.
فإذا الأمر فعلا يحتاج إلى وقفات، ونبشركم أن هؤلاء الأطفال في هذه المرحلة إذا وجدوا فيكم القدوة فسيتشبهون بكم، فاحرصوا أنتم أيضا على أن تكون الممارسات والمواقع التي وصلوا إليها هم مواقع صحيحة نافعة.
الأمر الثاني: هم في هذه المرحلة لا زالوا يعتقدون أن الأب والأم هم القدوة وهم أحسن نموذج، فليروا منكم كل خير، كما قال معاوية: (ليكن أول ما نبدأ به من تأديب أبنائنا تأديب أنفسنا)، قال هذا لمؤدب ومعلم ولده، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسناه، والقبيح عندهم ما استقبحناه.
استمروا في الدعاء لهؤلاء الأطفال المتميزين، نسأل الله أن يحفظهم، واستمروا كذلك في التواصل مع موقعكم، وهذه وصيتنا لكم ولأنفسنا بتقوى الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يكفي أبناءنا ويكفينا شرور هذه الأجهزة، وأن يهيأ لأمة نبينا أمر رشد يعز فيه أهل طاعته، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن ننجح في إيجاد بدائل مشوقة نافعة تغني أبناءنا عن الدخول إلى تلك المواقع المشبوهة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.