كيف أتصرف مع زوجتي غير المطيعة؟

0 31

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي سؤال عن التصرف الصحيح عند عصيان الزوجة لأمر زوجها، علما بأنها طلبت قبل 7 أيام شيئا ليس ضروريا وقد يعرضها للخطر، لكن طلبت منها التأجيل، ولم يعجبها، وخرجت من البيت 4 أيام بدون موافقتي، منها يومين لم أكن أعلم بذهابها، ولم نكن نتحدث معا بعد أن قلت لها: لن أرضى بفعلك وحذار من هذا الفعل وعواقبه.

هي طبيبة وأنا مهندس، ولدينا طفلة واحدة، تحدثنا وأبديت استيائي لها، وأني لن أسامحها على فعلها المكرر، فردت أنها دائما تسامحني.

أفكر في فرض جزاء عقابي، كحرمانها من إحدى الكماليات وليس من الواجبات أو الضروريات، لكن هي ترفض فكرة الجزاء العقابي، حتى لو مثلا قلت: عليك بتقبيل ابنتك 10 مرات، أو مثلا قلت: عليك استشارة طبيب نفسي، تقول: إنها ليست طفلة، لكن في رأيي، فعلها كان فعل أطفال ويحتاج ردة فعل مناسب، فما نصيحتكم لي؟ وهل أنا إنسان متسلط وأناني؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Belal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك - أخي العزيز- وأهلا وسهلا بك في الموقع، وفقك الله ويسر أمرك وأعانك لما فيه صلاح نفسك وأسرتك وجمع شملك وزوجك على سكن ومودة ورحمة وخير.

- بصدد ما صدر من زوجتك من خروجها من البيت وتكرره، فالذي أذكرك به مراعاة ما نبهت عليه النصوص الشرعية من ضعف طبيعة المرأة وتقلب مزاجها واستحضار فضل الزوجة وضرورة الصبر عليها وتقويمها بالحكمة والحلم والهدوء، قال تعالى:( فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)، وصح في الحديث:( لا يفرك - أي لا يبغض - مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر)، وفي الحديث:( استوصوا بالنساء خيرا؛ فإنهن خلقن من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وأن استمتعت به استمتعت به وبه عوج، فاستوصوا بالنساء خيرا).

- وحيث زوجتك طبيبة فإن عملها قد يضفي على طبيعتها شيئا من التوتر والضيق والغضب، كما ينبغي مراعاة مساعدتها لك وجمعها بين العمل داخل البيت وخارجه مما يستلزم التحمل ما أمكن.

- إلا أن كل ذلك لا ينفي خطأها ووقوعها بهجر البيت بلا مبرر شرعي في معصية النشوز، وهو التمرد على طاعة الزوج، وقد قال تعالى:( الرجال قوامون على النساء..)، فمقتضى القوامة - وهي مهمة تكليفية - توجب إصلاح الزوجة ولكن باللطف والرفق مع بعض الحزم والشدة، وقد فصل القرآن الكريم مراحل هذا التقويم والتأديب في قوله تعالى:( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا).

- ويتم التغيير - كما في الآية الكريمة - عبر مراحل ثلاث، يجب أن تأخذ مدتها الطبيعية، فالمرحلة الأولي هي (الوعظ)، وهوالتذكير بشدة وطلب التغيير بكلام حسن طيب، وفي المرحلة الثانية (الهجر في المضجع) أي الإعراض عنها فلا يكون خارج الغرفة ولا خارج البيت، وفي المرحلة الثالثة (الضرب) غير المبرح، وهو مباح، ولكن تركه أولى كما قال الفقهاء، ويكون بالسواك ونحوه كالمنديل، إلا أني أنصحك بعدم اللجوء إلى الحالة الثالثة إلا عند الضرورة وبحسبها، فليس كل الوسائل والأساليب صالحة لكل فئات الناس، والحكمة هي وضع الأشياء مواضعها اللائقة بها من غير زيادة ولا نقصان.

- وعليه، فإن منع زوجتك من بعض الكماليات أمر مشروع لا مانع منه، لكنه منوط ومتعلق بحكمتك وخبرتك في طبيعتها وغلبة ظنك بكونه وسيلة لردعها عن خطئها، فكما سبق: ليس كل الأساليب صالحة مع كل الناس والنساء.

- وقبل اللجوء إلى مراحل التأديب ينبغي لك الإصغاء لشكوى زوجتك، والحرص على التخلص مما قد يكون لديك من أخطاء، فكل بني آدم خطاء، والكمال لله تعالى، وضرورة الجمع في شخصيتك بين الرفق والحزم والهيبة، والتحلي بحسن الدين والخلق، والحرص على تنمية وتعميق الإيمان في نفسك وزوجتك في لزوم الذكر والطاعة ومتابعة الدروس والبرامج النافعة.

- الحذر من طلب المثالية في زوجتك فلسنا ملائكة مطهرين (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، أهمية المرونة والرفق واللطف في شخصية الزوج مهمة، ومشاركة زوجته معه في القرارات المختصة بالبيت ومطالبها الشخصية، وتفهم شخصيتها المستقلة عنه، وضرورة إعطائها حقوقها اللازمة وحرية الرأي والقناعة والزيارة لأهلها وحق النزهة ونحوها من المباحات، فجمال الحياة الزوجية في التفاهم والاحترام والتقدير وتنوع الرأي، والتعاون معها في أعمال المنزل ما أمكن لاسيما وكونها عاملة.

- ولا أجمل وأفضل من الاستعانة بالله والتوكل عليه وعدم اليأس من إصلاح زوجتك، والحذر من المبالغة في التوتر والأفعال والغضب والحساسية الزائدة من تضخيم أخطائها.

- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، رزقكما الله التوفيق والسداد والهدى والخير والرشاد والذرية الصالحة وسعادة الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات