ما هي حقيقة الغريزة الجنسية؟

0 22

السؤال

السلام عليكم.

هل صحيح ما يتم تداوله من فكرة أن الأعزب الذي لا يفرغ طاقته الجنسية سواء بالحلال، يكون عرضة لحالة نفسية سيئة وحالة مزاجية متقلبة يغلب عليها العصبية والمزاج السيء؟

أرى الكثير ممن يروج لهذه الفكرة، وكيف يتضاد هذا مع فكرة الحياة الأساسية وهي عبادة الله؟! حتى الزواج يجب أن لا يكون الهدف الأساسي منه هو الجنس، بل هناك مقومات أخرى أهم تقوم عليه مؤسسة الزواج.

أرجو منكم الإجابة بأدلة علمية وأمثلة لأشخاص لم يتسنى لهم الزواج، ولكنهم عفوا أنفسهم سرا وجهرا واتقوا الله في أنفسهم وجاهدوها حق الجهاد!

وسؤالي الآخر: هل صحيح بأن المجتمع يغلب عليه فكرة أن الفتاة التي يكبر عمرها ولم يتسنى لها الزواج بأنها تكون عرضة للانحراف، وأن الأعزب الذي يتعدى الثلاثين لا يستطيع العيش بدون تفريغ جنسي؟

أرجو منكم الرد، والدعاء لي بالشفاء والزواج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هديل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي يدل على عقل ونضج، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يصلح الأحوال، وأن يغنينا بالحلال، وأن يحقق لك السعادة والآمال.

بشرى لك -ابنتنا- ولسائر أهل العفة والعفيفات بخطأ هذا الكلام وهذا التصور للجاهلين والجاهلات، فالعكس هو الصحيح، والتوسع في الشهوات وممارسة العادة السيئة وخطأ الممارسات هو السبب الرئيسي في العلل النفسية والاجتماعية والعاهات الأسرية؛ لأن تلك الممارسات الخاطئة للتوصل إلى الإشباع لا تنتهي للإشباع، بل تنتهي بأصحابها إلى الخلل والسعار، وتجلب غضب الكبير المتعال، والمتعة المزعومة فيها ناقصة وممرضة ومخلوطة بالألم والأحزان، وصدق ابن القيم في قوله: لا يستمتع العاصي بمعصيته إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب.

ونعوذ بالله من الخذلان والعطب، أرجو أن تعلمي ويعلم أبنائي وبناتي أن حكمة الله أن يخرج الزائد الضار من جسد الإنسان في شكل فضلات أو عرق أو من خلال الاحتلام، وشرعنا الحنيف رسم المنهاج القويم لطلاب العفة، بل وضع التدابير الواقية من الانهماك في الشهوات المحرمة، فحرم الغناء الذي هو بريد الزنا، ومنع الخلوة، وأمر بغض البصر، ومنع التبرج، ونهى عن تلاصق الأجساد، ثم وضع بعض التدابير الروحية فدعا إلى الصيام، والأذكار، والقرآن، وحرض على شغل الفكر بالذكر، وشغل القلب بالتوحيد والمراقبة، وعلق همم الناس الكبار والعظام بالهمم العالية والغايات السامية التي تصرفهم على أن يكون تفكيرهم في مجرد الشهوات.

إذا ما ذكر غير صحيح، بل العكس أكرر هو الصحيح، والإنسان يبلغ العافية بطاعته لواهب العافية سبحانه وتعالى، وما ذكر عن كبار السن وعن من يتعدى هذا العمر أو كذا ولم يتزوج هذا غير صحيح، بل هناك من قضى حياته في عفة، بل هناك من قضى حياته ولم يفكر في معصية الله تبارك وتعالى، ونحن قلنا هذا الجسم وضع الله فيه خاصية يتخلص من هذا الشحن، فلا يتأثر فيه الإنسان من خلال ما يراه النائم في صورة احتلام، فإن هذا ليس صحيحا إذا، والفكرة التي عند الشباب بكل أسف خاطئة بل هي معكوسة، بل هم الذين يفتحون على أنفسهم أبواب الشر، فيوقظون أفعى الشهوات من سباتها، وقد يبدأ الإنسان مثل هذا الإدمان بداية عادية، ثم يصل للمرحلة الإدمانية ثم يتغير النمط، فلا يستمتع بعد ذلك حتى بالحلال، ولا يستمتع بالطريقة الصحيحة، حتى يقع في الحرام، وفي هذه الأساليب الشائعة التي بكل أسف وقع فيها كثير من الشباب والفتيات بفضل تلك المواقع المشبوهة التي تنشر مثل هذه الأفكار المسمومة.

فما سمعت عنه من الأفكار النمطية هي فعلا نمطية، وهي خاطئة، وبكل أسف مجتمعنا العربي يستوردها من مجتمعات غربية لا تقيم للعفة وزنا، وقد جنوا ثمارها المرة وهم يتمنون اليوم أن يعودوا إلى العفة، هناك هيئات ومنظمات، ولكن هيهات وهيهات؛ لأن العفة لا يمكن أن يصل إليها الإنسان إلا على منهاج هذا الدين العظيم، الذي يقول فيه ربنا العظيم لمن لم يجد نكاحا: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) ثم ترسم لهم الشريعة طريق العفة والعفاف والطهر الذي هو طريق العافية.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الشفاء من كل داء، وأن يرفع الغمة عن الأمة، وأن يهيأ لك زوجا صالحا عاقلا مصلحا يعينك على الخير، وتكونين له عونا على الطاعات، وهذه وصيتي لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ونسعد بتواصلك المستمر مع موقعك، وعرض مثل هذه الأسئلة حتى نصحح المفاهيم الخاطئة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات