السؤال
السلام عليكم.
كان لدي ٣ أصدقاء منذ الطفولة، وهم أقارب لي وكانوا مثل إخواني، ودائما تحصل بيننا مشاكل أغلبها صغيرة، وبعضها كانت كبيرة، وكنا نتخطاها وأحيانا نترك بعضنا لفترة ونعود، ولكن قبل ٦ شهور حصلت مشكلة كبيرة جدا، وتركوني الـ ٣ وظلوا سويا أصدقاء بدوني، فما السبب؟ وكيف أعود لهم؟
لي ٦ شهور في المنزل أعيش منطويا على نفسي، لا أخرج، وفقدت شهيتي للأكل، وأصبحت كئيبا، ولا أطيق التحدث مع أحد، وطوال اليوم أفكر فيهم، وأفكر كيف نعود كما كنا، وأفكر في اللحظات الجميلة معهم لقد كانوا كل حياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين أقاربك وأصدقائك على الخير، وأن يعينكم على تأسيس أخوة وصداقة لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
نحن نقدر هذه العلاقة الممتدة مع الأصدقاء وهم أقارب، طبعا هذه علاقة مميزة أن يكون الإنسان له صديق، وهو كذلك من أقربائه، وهو كذلك مسلم هذا له حق القرابة وحق الصداقة وحق إخوة الإسلام، فهي فعلا علاقة متينه، ولكن نحن دائما لا ننصح الإنسان بأن يكون له عدد محدود من الأصدقاء، بل ينبغي أن يتوسع الإنسان في مصادقة الناس؛ لأن الخير في الأمة كثير، ولا مانع من أن ينتخب فيجعل ثلاثة أو أربعة هم أقرب الناس إليه، لكن ينبغي أن يصادق الآخرين، حتى إذا تعثرت هذه الصداقة، أو ابتعد هؤلاء الأصدقاء أو سافروا يكون له بديل، ولا ينطوي على نفسه.
فلذلك نحن نريد أولا أن تخرج من عزلتك، وأن تبحث عن أصدقاء آخرين، وأن تبدأ الصداقات من داخل البيت، تقرب من إخوانك ومن والديك، ثم تخرج بعد ذلك إلى بيوت الله، ستجد من الشباب الأفاضل الأخيار من يكون إلى جوارك، ثم بعد ذلك تستمر في السعي في إصلاح ما بينك وبين الأصدقاء الأقارب المذكورين، ونقترح عليك أن تبدأ بأعقلهم، وأن تبدأ باقربهم منك بابا، أقربهم إليك قرابة تحاول أن تتواصل معه تحاول أن تكسر هذا الحاجز مع استمرارك في البحث عن أصدقاء آخرين، مع إصرارك على الخروج من عزلتك، ففي الناس أخيار وفضلاء وزملاء.
أرجو أن تتوسع في البحث عن الأصدقاء، وهذا يخرجك من هذه العزلة التي أنت فيها، نحن لا نريد أن يكون الإنسان له أصدقاء محددين، فإذا غابوا، أو لا قدر الله كتب الله عليهم الموت أو سافروا يصبح بعد ذلك كئيبا وحزينا، فالمؤمن دائما يسأل الله أن يحببه إلى خلقه، وأن يحبب إليه الصالحين منهم.
أيضا من النقاط المهمة هي ضرورة أن تؤسس العلاقة دائما على التواصي بالحق والتوصي بالصبر، الإيمان، والتقوى؛ لأن أي صداقة لا تقوم على الإيمان والتقوى والتواصي بالحق وبالصبر تنقلب إلى عداوه وعمرها قصير، قال العظيم في كتابه (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، وأرجو أن يكون في هذا الانقطاع والتوتر الذي حصل فرصة لك من أجل أن تؤسس علاقة على ما يرضي الله تبارك وتعالى، وهذه إخوة تدوم وتستمر؛ لأنها في الله تبارك وتعالى وخالصة لله تبارك وتعالى، والإنسان إذا جعل العلاقة لله، فإنه يقبل الأعذار ويعتذر إذا أخطأ، ويتسامح مع من حوله ويقدر ظروف الناس؛ لأنه يرجو الله والدار الآخرة.
هذه وصيتنا لك أيضا بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بمحاولة اكتشاف ما عندك من مواهب ومهارات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك وأن يرفعك عنده درجات.
ونحن ندعو وندعوك إلى أن تدعو أن يعيد الله لك إخوانك وأقرباءك أيضا، فإن رجعوا فاحرصوا على أن تكون العلاقة تقوم على النصح، فلو فرضنا أنك اخطأت فينبغي أولا: أن ينصحوا لك.
ثانيا: ينبغي أن يسامحوك ويقبلوا منك ولا يسدوا في وجهك الأبواب، إن هذه المعاني تغيب على من يتصادقوا من أجل دنيا أو من أجل أي مصالح أخرى، لكن الذي يصادق لله تبارك وتعالى يدرك الثواب الذي أعده الله لمن يسامح لمن يبادر، لمن يعتذر، يدرك أيضا حرمة أن يهجر الإنسان أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، ومنها ندعوك إلى أن تبادر وتسارع وتكرر المحاولات، ثم تسعى في الاتجاه الآخر في البحث عن أصدقاء آخرين.
ونسال الله لنا، ولك التوفيق والسداد.