أشعر بإحباط وخجل بسبب تقدم زملائي علي في الوظائف!

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

تخرجت في عام ٢٠١٧م في تخصص تقنية المعلومات، بتقدير جيد جدا، كان طموحي أن أعمل في التخصص، ورفضت فكرة الدخول في الكلية الأمنية للضباط لرغبتي بالتخصص، وبعد سنة لم أجد عملا فعملت كسكرتير، وقدمت على الكلية الأمنية للضباط والجيش، ولم أقبل في أي منها.

السؤال: دائما تلح على نفسي هذه الأيام أفكار، وهي: لو أنك قدمت في أول سنة كان قبلت، لو أنك عملت كذا كان قبلت فيها، وأحدث نفسي دائما "انظر إلى زملائك أحدهم طبيب، والآخر ضابط وأنت لا شيء" أصبت بالعجز، وأشعر بإحباط كبير! وبدأت أكرههم، وأحقد عليهم لماذا لم يرشدوني في ذلك الضياع الذي كنت فيه؟

أقر أني أهملت التخصص في الثلاث السنوات الفائتة، لكن ماذا أعمل؟ أتقدم إلى الشركات ولا يأتي رد، أعمل مقابلات وأرفض؟ وأخاف أن أظلم نفسي وأتعدى على الله في قدره وتقسيم رزقه، ولا أسلم له.

أخيرا: دائما إخوتي وأبي يتكلمون عن زملائي، وأشعر بالخجل من نفسي، وأشعر بإحباط كبير لا يعلم به غير الله، لا أريد أني أطيل في رسالتي، لكن أرجو أن أكون قد أوصلت حالتي لكم.

أفيدوني، بارك الله فيكم. 

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، وأن يصلح الأحوال، ويحقق لك السعادة والآمال.

مفتاح السعادة الكبرى هي أن يعرف الإنسان نعم الله عليه، ثم يؤدي شكر هذه النعم، والوظيفة التي يريدها الإنسان ما هي إلا واحدة من النعم، ونعم الله تبارك وتعالى مقسمه بين عباده، والسعيد هو من يعرف نعم الله عليه ثم يؤدي شكرها ثم ينال بشكره من ربه المزيد، والإنسان قد يعطى وظيفة ويحرم العافيه، قد يعطى وظيفة ويحرم الولد، قد يتزوج ولكنه يحرم المال فنعم الله مقسمه، والإنسان ينبغي أن يشكر الله على ما أولاه وينظر في كل أمور الدنيا إلى من هم أقل منه، في العافية، في المال، في الدرجة، في كل أمور الدنيا، أما في أمور الآخرة فينبغي أن ينظر إلى من هم أعلى منه، ويتأسى بهم ويسير على دربهم وهداهم وخطاهم.

لذلك أرجو أن لا تحزن على ما حصل لك، وارض بما قسمه الله لك تكن أسعد الناس، ثم اجتهد وواصل البحث، ولا تلم أحدا على ما لم يعطك الله، فما حصل لك هو مما قدره الله تبارك وتعالى عليك، ولذلك ينبغي أن تقابل هذه الأمور بمنتهى الرضا والهدوء، ولا مانع من أن تسعى في تطوير نفسك، أن تقبل بأي وظيفة، وأي عمل ثم تجتهد في مواصلة الدراسة، تجتهد في البحث عن آفاق أخرى.

اعلم أن كثيرا من الناجحين في حياتهم لم ينجحوا حتى في الدراسة، بل حتى لم يصلوا إلى المستوى الذي وصلت إليه، لكنهم اكتشفوا ما ميزهم الله به فساروا في هذا الدرب فوفقهم الله تبارك وتعالى، لا تتأثر وتتكلم عن زملائك أو عن غيرهم، واعلم أن حتى هؤلاء الزملاء يوجد فيهم حتى من لا يرضى عن نفسه، ولذلك السعادة هي نبع النفوس الطيبة بالله الراضية بقضائه وقدره، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وإلا فالإنسان إذا لم يملك القناعة فكل ما في هذه الدنيا لا يكفيه،.

عليك أن لا تشغل نفسك بالتفكير السلبي، عليك أن لا تعود إلى الوراء؛ لأن البكاء على اللبن المسكوب لا يرده ولا يفيده، بل عليك أن تنظر إلى الأمل وإلى الحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد، واصل البحث عن عمل، اجتهد في تطوير ما وهبك الله تبارك وتعالى من مهارات، قم بما عليك من السعي، فإننا فقط علينا أن نسعى، وليس علينا إدراك النجاح، (فامشوا في مناكبها)، فالإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ولا يحملك تأخر الوظيفة أو تأخر هذه الأمور على أن تسلك السبل التي لا ترضى الله تبارك وتعالى.

اعلم أن ما يختار الله للإنسان أولى مما يختاره الإنسان لنفسه، وتعوذ بالله من شيطان يريد أن يخرج بك من الرضا إلى التسخط، والاعتراض على قضاء الله وقدره وقسمته بين عباده، أنت في نعمة وكلنا صاحب نعمة، اكتشف ما وهبك الله، نعمة السمع، ونعمة البصر والعافية، وأعلم أن هذه الأسطر التي كتبتها أنت هناك من لا يستطيع، هناك من لا يملك، هناك من لا يعرف، حتى أن يبوح عما بنفسه، أو يرسل لنا حاجته ليستمع للإجابات.

أسأل الله أن يرفعك عنده درجات، ونؤكد لك أن رضاك بما أولاك الله من نعم، وسعيك في تطوير نفسك متوكلا على الله، راضيا بما يقدر الله سيجلب لك سعادة الدنيا والآخرة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونحن على ثقة بأن الله تبارك وتعالى لن يخذلك، فتوجه إليه وادعوا دعاء المضطر فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، واقترب من والديك واطلب منهم الدعاء، واحرص على صلة رحمك، واستقم على أمر الله تبارك وتعالى وأبشر بالخير من الله.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات