أشعر بإحباط وصراع داخلي لا يهدأ، فماذا أفعل؟

0 31

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي أني سعيدة لأنني في عزلة، ومرهقة نفسيا لوجودي مع من بالمنزل؛ لأني أشعر بانزعاج كبير وتوتر، علما بأن لدي ابنتين، وأنا منفصلة، وبقائي معهم للمذاكرة وبعض الأوقات أشاهد التلفاز معهم ومع الأسرة أو ألاعبهم، فذلك يشعرني بالضجر وكأنه حمل ثقيل! أريد التخلص منه!

سعادتي أجدها في بقائي في غرفتي وفي الهدوء، أحب ابنتي ووالدي اللذين أعيش معهما وأتمنى أن أتغير، قد كنت في السابق أقرأ أو أجد دورة مجانية أحضرها للفائدة، الآن أصبح ذلك ثقيلا على نفسي، لا أريد شيئا لأنه لن يتم لي ما أريد.

قبل سنة لم يكن لي هدف، الآن وجدت لي هدفين شخصية وأتمنى تحقيقها، وأعلم أنني أحتاج السعي والبذل لها، لكن نفسي من الداخل تأبى أن تتحمس، فكل ما تحمست أجدها تقول سيكون مآل الحلم والهدف كغيرها ولن تكملي الطريق فأنت إنسانة عادية جدا تقبلين وضعك هذا!

كمية إحباط أشعر بها، وصراع داخلي لا يهدأ، فماذا أفعل؟ أريد التخلص من ذلك كله وأعيش شخصية طبيعية، لم أعد أستمتع بأي شيء! فكل شيء أمامي أصبح عاديا وبلا معنى، حتى نفسي أراها كذلك!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله:

حب العزلة بهذه الطريقة ليس صحيحا؛ لأنك بهذا تستجلبين لنفسك الكثير من الأفكار السلبية ويأتيك الوسواس، ولعلك تدركين خطورة ذلك، فكثير ممن أتتهم الوساوس كان سببها انعزالهم عن الناس ومن ثم انقلبت حياتهم إلى جحيم.

قد يكون سبب حبك للعزلة انفصالك عن زوجك، وكونك لا تجدين عملا يشغل بعض فراغك.

أختنا الكريمة: اعلمي أن كل شيء يجري في هذا الكون إنما يجري وفق تقدير الله تعالى وكل أقدار الله فيها خير للعباد وإن بدت بصورة الشر فقد يتبين الخير مع مرور الزمن.

اهتمامك بأبنائك وغرس القيم الحميدة في أنفسهم مهم جدا خاصة في هذه المرحلة العمرية وذلك من أولى ما يجب أن تهتمي به فأبناؤك أمانة في عنقك.

أوصيك أن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة وأهم ذلك أداء ما افترض الله عليك على الوجه الأكمل ابتداء بأداء الصلاة في أوقاتها، والاجتهاد في أداء النوافل القبلية والبعدية للصلاة، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم وأقل ذلك جزء في اليوم، مع التدرج في قراءة تفسير القرآن ابتداء بمعاني الكلمات ومرورا على الشرح، وأحسن ما يكون بجوارك كتاب تفسير السعدي -رحمه الله-، ولا تنسي أن تأخذي حظك من الصيام كالاثنين والخميس والثلاث الأيام البيض من كل شهر (15،14،13)، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة، وبهذا لن تشعري بالملل الذي يجعلك تتقاعسين عن العبادة.

شاركي أهل بيتك في الأعمال المنزلية وخاصة خدمة والديك، فإن ذلك سيشعرك بالسعادة وستحضين بدعواتهما المباركة.

اجعلي لنفسك وقتا للتواصل مع زميلاتك الصالحات، والتحقي بأقرب حلقة لتحفيظ القرآن الكريم، واحضري الندوات العلمية، وشاركي في الدورات النافعة.

احذري أن تضعي أوقاتك فيما لا فائدة منه مثل المكوث في متابعة برامج التلفزيون فإن الوقت هو عمر الإنسان ورأس ماله وسيسأل كل إنسان عن عمره فيما أفناه هل قضاه في الطاعة أم في المعصية أم ضيعة فيما لا ينفعه.

ارسمي لنفسك أهدافا تتطورين من خلالها، وأوجدي الوسائل المشروعة التي توصلك إليها، وكوني دائما مستعينة بالله متوكلة عليه، فمن استعان بالله أعانه ومن توكل على الله كفاه.

اجعلي لنفسك برنامجا للقراءة وابدئي بالكتب المشوقة والمسلية التي تنشطك على المتابعة، وحبذا لو أنك تتخصصين بقراءة فن معين حتى تبدعي فيه وليكن التاريخ مثلا فهو يجمع بين القصص والحوادث والسير والتراجم وغير ذلك.

احذري من أن ترسلي لنفسك رسائل سلبية؛ لأن العقل يستقبلها ومن ثم يرسل الرسائل إلى بقية الأعضاء للتفاعل معها وتنفيذها، فقولك عن تحقيق بعض أهدافك أنه أصبح ثقيلا على نفسك وأن لن يتم لك ما تريدين من هذه الرسائل السلبية، والواجب عليك أن تقومي بمحو هذه الرسالة برسالة إيجابية، لا بد أن تغرسي في نفسك أنك بعد توفيق الله لك قادرة على تحقيق ما تريدين، واسمعي قول الشاعر الأول كيف يعطي نفسه رسالة إيجابية فيقول:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر.

بسبب العزلة التي أقمتها على نفسك تأتيك تلك الوساوس المحبطة ومن هذا قول نفسك سيكون مآل الحلم والهدف كغيره ولن تكملي الطريق ....إلخ، والحقيقة أن هذا يدخل في الوساوس الشيطانية؛ لأن الشيطان لا يريد لك أن تنهضي بل يريد أن يفسد عليك حياتك، فاستعيذي بالله منه، وعليك أن تستنهضي ما عندك من الصفات الكامنة في نفسك، واعزمي، واستعيني بالله، وجاهدي نفسك، فمن جاهد نفسه هداه الله ووفقه يقول تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).

أنت لست إنسانة عادية بل تستطيعين أن تكوني متميزة يشار إليك بالبنان، ولكن عليك أن تنعتقي من هذه العزلة وأن تبدئي بتنفيذ مشاريعك الخاصة، فلا تستصغري نفسك ولا تحتقريها فكل أمر تحلمين به يمكن تحقيقه بالعزم والتوكل على الله.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله سبحانه أن يعينك ويوفقك وأن يأخذ بيدك، واعلمي أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فألحي على الله بالدعاء ولا تنقطعي، وادعي ربك وأنت موقنة بالإجابة.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

أنا على يقين أنك إن بدأت بالعمل بهذه الوصايا والموجهات ستجدين تغيرا في حياتك -بإذن الله-.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات