السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، عمري 20 سنة، انعزلت عن العالم فليس لدي أصدقاء، تركت العمل، وأعيش في وحدة، انقطعت عن المجتمع، ولم أخرج من البيت منذ ثلاثة أشهر، وإذا خرجت أعود بسرعة، أقضي كل وقتي في البيت، أنام لساعات طويلة، هروب من الواقع، ومرات لا يأتيني النوم.
أحيانا تنسد شهيتي عن الأكل وأحيانا تنفتح، أحتقر نفسي كثيرا، وأحس أنني سخيف لا أعرف كيف أتعامل مع الناس، وقليل الاستيعاب، حاولت أن أغير من معاملتي ولكني فشلت، شخصيتي ضعيفة وأفكر في الماضي كثيرا، فأحيانا أكون حزينا وأحيانا أكون سعيدا، ودائما أشعر بالفشل، فهل ألجأ إلى طبيب نفسي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Wael حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك التوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: الإنسان لا يكون على حالة واحدة، والمزاج يتغير ويتبدل، وكل شيء في حياة الإنسان يزيد وينقص، حتى الإيمان، أنت في بدايات سن الشباب، أنت في بدايات الحياة الحقيقية.
حقيقة ما تعاني منه هو نوع من العسر المزاجي، وهذا أدى إلى درجة بسيطة من الاكتئاب الذي أفقدك الدافعية، وأصبحت تنظر للأمور كلها بظلامية وسوداوية وسلبية، يجب أن تدرك وأن تعلم أن الإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، الأفكار قد تكون سوداوية وسلبية وكذلك المشاعر، وهذا يعطل الأفعال، لذا يجب أن نتغير من خلال أفعالنا، أن نصر على الإنجاز.
فأنت مطالب الآن أن تنجز، مهما كان ضعف الدافعية لديك، لا تترك للشيطان ثغرة يزيد من تكاسلك، أعزم وضع برنامج يومي، مثلا: عليك أن تنام ليلا مبكرا، وأن تعزم أن تقوم وتصلي الصبح حاضرا. هذه مهمة واحدة في اليوم فقط، حين تنجزها سوف تحس أنك قد أنجزت إنجازا عظيما.
وهكذا، تبدأ في المهام الحياتية، يوميا تنجز شيئا أو شيئين: زيارة صديق، صلاة في المسجد، الترفيه عن النفس بأي شيء بسيط وجميل، الجلوس مع الأهل، قراءة كتاب أو جريدة أو أي شيء موضوع تحس أنه جيد ومفيد، هكذا يبدأ الإنسان، وهكذا يتغير الإنسان، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
إذا التغيير يأتي منك أنت، ويجب أن تثق في مقدراتك، وتثق أن الله تعالى قد حبانا بمقدرات عظيمة، وأن التغيير يجب أن يكون منا.
ممارسة الرياضة أمر ضروري في عمرك، وجدنا الرياضة تنشط النفوس وتزيد التفاؤل وتقوي الأجسام. إذا هذه وسيلة علاجية كبيرة، تحسن استيعابك.
فيا أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج من خلال العزم والإصرار أن تغير ذاتك، وهذا يهزم هذا الاكتئاب تماما، وسوف تجد أن ساعات النوم قد قلت، وساعات العزلة قد قلت، الحياة طيبة وجميلة جدا.
هذا هو الذي أنصحك به، وقطعا ذهابك إلى طبيب نفسي سوف يساعدك كثيرا، سوف يعطيك المزيد من الإرشاد، وربما يصف لك أحد محسنات المزاج والدافعية، مثل عقار (بروزاك) مثلا.
أسأل الله لك العافية، ولا بد أن تكون إيجابيا، ولا بد أن تكون لك آمال وطموحات في الحياة، ولا بد أن تعيش على الأمل والرجاء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.