السؤال
السلام عليكم
تأتيني لحظات أحس فيها بالموت، وأحيانا تأتي أفكار متنوعة وتذهب لوحدها في زمن وجيز، مع احتقارها والسيطرة عليها ذاتيا، لكن للأسف منذ يومين تسيطر علي فكرة الموت، أحس به قريبا لدرجة مخيفة، أظن أنه ناتج عن كثرة الذنوب والتفكير بها.
أنا أصلي منذ سنين بدون انقطاع، وأحاول قدر الإمكان الالتزام بالطاعات، أحيانا لا أفكر بالموت لشهور، وأحيانا أفكر لفترة بسيطة وأحس بنوبة هلع سرعان ما تنتهي.
هذه المرة لم تنته، بل استمرت ليل نهار وبالأخص ليلا، دقات قلب سريعة، وأحيانا بطيئة جدا، وتعرق، الإحساس بتخيل ملك الموت، والأرق، لا أنام منذ يومين إلا فترة بسيطة، وأستيقظ مفزوعة كل نصف ساعة، مع العلم أن النوم لا يأتيني إلا بعد الخامسة صباحا أو أكثر، هذه الحالة مستمرة معي منذ يومين، لا أستطيع الذهاب لدكتور نفسي، ومع فترة الحظر لا أستطيع حتى الذهاب لطبيب عضوي.
أظن أنني في النهار أكون أحسن، لكنني أتعب ليلا جدا، بحيث لا أذوق طعم النوم والراحة، أخاف أن لا يكون هذا مجرد وسواس، أخاف أن تكون هذه الأحاسيس حقيقية.
كلما أسمع عن شخص توفي، مثلا بنت خالة صديقتي وهي عروس، أقول أنا أيضا سوف أموت صغيرة، وأتخيل جدتي لحظات خروج الروح منها وأقول: أنا أيضا سيحصل لي هكذا عما قريب، ويجب أن أخبر أهلي.
أحيانا أنصح نفسي باحتقار الفكرة وأنه شيء شائع، لكن عقلي الباطن يأبى الاقتناع، وتارة أقول إني أحس بالموت منذ يومين، لو كان صحيحا لكنت ميتة الآن أو منذ زمن.
أريد فقط الاقتناع بأنه وسواس وليس حقيقة، بوركتم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ salmasal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه وسوسة ولا شك في ذلك، هذا نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، أنت في الأصل انتابتك نوبة هرع وفزع، ونوبات الهرع والفزع حتى وإن كانت قصيرة جدا ومتباعدة تعطي الشعور بدنو الأجل، وبعد أن تنتهي النوبة بعض الناس يتخزن لديهم من هذا الشعور، ويظل ملازما لهم ويتحول إلى تفكير وسواسي.
عليك أن تحقري الفكرة -أيتها الفاضلة الكريمة- وأنت مدركة أن الموت حق، وأن الآجال بيد الله، ولا أحد يعرف مواعيد موته، ففكرة الخوف من الموت كفكرة شرعية مطلوبة لأن ذلك يحفز الإنسان ليعمل لما بعد الموت، أما الفكرة المرضية الوسواسية من هذا القبيل فبالفعل يجب أن تحقر وأن تطرد، ويجب أن لا تهتمي بها أبدا.
قطعا في هذه الأيام مع هذا الوباء وكثرة الموت هنا وهناك، خاصة في الدول الأوروبية، وسماع مثل هذه الأخبار أيضا يعزز مثل هذه المخاوف ولا شك في ذلك.
الذي تعانين منه هو وسواس، توكلي على ربك، أدي صلواتك في وقتها، احرصي على الأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء، أذكار النوم، أذكار الاستيقاظ، هذه الأذكار بليغة جدا وعظيمة جدا، خاصة الإنسان حين يؤديها بتدبر ويتفهم معانيها، ويكون على يقين بها، ستزيل الخوف تماما هذا أمر مجرب، فاحرصي على ذلك وحاولي في داخل المنزل أن تمارسي شيئا من الرياضة وبعض التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرج جميلة جدا، اقرئي، اطلعي عليها، ويا حبذا مع هذا الحظر إن التفت الناس وحفظوا شيئا من القرآن، هذه فرصة عظيمة جدا، ويمكن للأسرة أيضا أن يكون لها حلقة قرآنية، خاصة أننا على أعتاب رمضان الآن، فهذه كلها إن شاء الله مخارج علاجية ممتازة.
أؤكد لك مرة أخرى أنها وساوس، وحتى تطمئني أكثر -أيتها الفاضلة الكريمة- أريد أن أصف لك دواء هذا النوع من الوساوس، يستجيب بصورة ممتازة للأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، عقار سيرترالين هذا هو الاسم العلمي، وله مسمى تجاري يسمى زوالفت ولسترال، ربما تجدينه في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر، وإذا اقتنعت بالدواء ابدئي بجرعة نصف حبة خمسة وعشرين مليجرام ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبتين ليلا لمدة شهرين، ثم حبة واحدة ليلا لمدة شهرين آخرين ثم خمسة وعشرين مليجرام، أي نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن الدواء، هذا الترتيب وطريقة الاستعمال والجرعة هي التي تناسبك جدا.
المخاوف الوسواسية ذات الطابع الفكري تستجيب للعلاج الدوائي جدا بصورة ممتازة، فطبقي ما ذكرته لك من إرشاد وتناولي الدواء، وأؤكد لك أن الدواء سليم جدا وفاعل، وليس إدمانيا ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ونومك سوف يتحسن قطعا إن شاء الله، الدواء قد يفتح الشهية قليلا نحو الطعام هذا يحدث قليلا لبعض الناس.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.