السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف كيف أبدأ لذلك سأدخل في صلب الموضوع مباشرة.
مشكلتي هي علمي بأني مصابة باكتئاب، لكني لم أزر طبيبا نفسيا من قبل، كنت أصل لحافة الإنهيار، ثم أعاود النهوض، وقد وصلت للإقدام على الإنتحار عدة مرات، ولأني شخص إيجابي جدا أحاول جاهدة الإستمتاع بالحياة، حتى لو تمثيلا، ولأني أيضا لا أريد أن أحزن والدتي، إلا أنني أفتقد المتعة الحقيقية في الأشياء التي أحب، لم أعد شخصا كثير الضحك، وأرى الأشياء بنظرة سخف، فقدت حب الرسم والإلهام، فكلما أردت أن أرسم أو اقرأ أو أتعلم أسوف.
نشأت من طفولتي وبين والدي الكثير من المشاكل، مما أثر على رغبتي في الزواج، رغم حبهما الشديد لي، كثيرة التنازل؛ لأني لا أحب المشاكل، وليس ضعفا، لكن لا أملك القدره على أن أفضفض، ولا زلت لا أستطيع؛ فأنا لا أحب نظرة الشفقة.
أشعر بحزن شديد دفين، وتنتابني نوبة بكاء وغصة، وأحيانا من أبسط الأشياء أحزن ولا أبكي إلا نادرا جدا جدا، طموحاتي كبيرة جدا، لكن لا أستطيع فعلها بسبب القيود، وخوف عائلتي اللا مبرر بنظري،
لا أستطيع زيارة طبيب نفسي حاليا، وإيجابيتي واليوغا من بعد الله، أعاني بشكل كبير من الحزن الدفين لا أستطيع التخلص منه مهما حاولت، فهل من حل؟
وجزيتم عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
رسالتك رسالة رائعة جدا من حيث المحتوى والترتيب والتعبير عن الذات.
أيتها الفاضلة الكريمة: كما تفضلت، السعادة يمكن أن تصنع حتى وإن كان ذلك تمثيلا، والإنسان حين يمثل الأشياء الطيبة ويتصنعها تتحول إلى حقائق وهذا أمر مجرب، أنا أريد أن تنظري لنفسك بإيجابية، نعم هنالك صعوبات، هنالك توترات، هنالك خلافات أسرية، هنالك حماية مطلقة من الأسرة، لكن وسط هذا كله هنالك خير كثير في حياتك، لا بد أن تكون الأمور هكذا.
الاكتئاب يهزم حقيقة من خلال التفكير الإيجابي، من خلال المشاعر الإيجابية، ومن خلال الأفعال الإيجابية هذه المكونات الثلاثة ضرورية جدا في حياتنا، فأرجو أن توازني بين ما هو طيب وإيجابي في حياتك، وسوف تجدين أن هنالك أمورا كثيرة جدا إيجابية لكن كنت تغفلين عنها، أرجو أن تدعميها، أن تطوريها، وانظري أيضا للسلبيات في حياتك، وحاولي أن تقلصيها، وكل إنسان وهبه الله تعالى المقدرة والآليات التي يتكيف من خلالها مع ظروفه الحياتية، ويفهم نفسه، ويعدل نفسه، ويطور نفسه، هذا هو الذي أنصحك به.
الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، فيها متنفس عظيم، وتطور الصحة النفسية بشكل غير عادي، واتضح الآن أن الرياضة تؤثر على الموصلات العصبية الدماغية الإيجابية، وهذا حقيقة فتح عظيم جدا، أحد الأبحاث الحديثة جدا أثبت أن الرياضة وما سموه بالصيام المتقطع، لم يتحدثوا عن رمضان، لكن قالوا عن الصيام المتقطع هذا من الأشياء الإيجابية جدا التي حقيقة تطور كيمياء الدماغ، وهذا كله متاح -إن شاء الله تعالى- في مجتمعنا، ونحن مقدمون على الشهر الفضيل، أسأل الله تعالى أن يبلغك ويبلغنا إياه بالخير والبركة، ويجعلنا من الصائمين القائمين.
الفضفضة أيتها -الفاضلة الكريمة- يمكن أن تكون مع الذات، يجب أن أعبر، أن أقرأ هذا الأمر مع صديقة، الانضمام إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن مثلا، أنا متأكد أنك سوف تجدين من المحفظات أو من الطالبات من يناسبك جدا في أن تتخذيها صديقة، وتبني علاقات اجتماعية، هذا كله ممكن، الانضمام لعمل خيري، الانضمام لعمل اجتماعي، لا أعتقد أن أسرتك سوف تمانع في ذلك، ودائما كوني صاحبة مبادرات داخل الأسرة هذا مفيد جدا لك.
رأيك سوف يقدر، ومساحة الحرية المنضبطة سوف تزداد بالنسبة لك، حاولي أن تنامي النوم الليلي المبكر؛ لأن النوم المبكر يؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ، أرجو أن تتجنبي السهر، لأن ذلك يؤدي إلى تصدع في الساعة البيولوجية لدى الإنسان، مما يضر كثيرا بالصحة النفسية، حاولي أن تكوني منجزة في الصباح، إن الذين ينجزون مع البكور، البكور فيه خير كثير جدا، ومن ينجز في الصباح أي شيء تجده دائما في حالة ارتياح نفسي ويحسن إدارة وقته، هذه هي الأشياء الرئيسية التي أود أن أنصحك بها.
وليس هنالك ما يمنع أن تتناولي أحد محسنات المزاج السليمة، مثلا عقار سيرترالين والذي يسمى زوالفت بجرعة صغيرة وهي حبة واحدة يوميا سيكون مفيدا جدا، خاصة إنه غير إدماني ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، تبدئين بنصف حبة 25 مليجراما يوميا لمدة أسبوع، ثم تجعلينها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفين عن تناوله، دواء بسيط، وبجرعة صغيرة، والمدة معقولة جدا..
أسأل الله تعالى أن ينفعك به.. وجزاك الله خيرا.