السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة في الثانوية، ولكني لم أختلط بالرجال كثيرا أبدا، فلم أتعامل معهم بشكل مباشر، مما سبب لي عقدة، فإذا تحدث معي أي ولد، حتى الجرسون، فإني أخاف وأرتعش وأشعر أن نيته ليست طيبة، وعندما أقول هذا لوالدي يقول هذا حياء، ولكن هذا الشعور يشعرني بالضيق، وكل من حولي يتعامل مع الموضوع ببساطة، ولديهم نفس الحياء والاحترام، وأيضا لم يتعاملوا مع رجال، ولكن يأخذوه بسلاسة وليس بخوف!
في الحقيقة أنا أخاف منهم مع أني لم أتعامل معهم، لا أدري ما المشكلة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بالطبع- يا ابنتي- إن الحياء هو شيء مطلوب، والحياء هو تاج المرأة الذي يزيدها جمالا، وهو سياجها الذي يصون كرامتها ويجعلها كالكنز الثمين، وهو من سمات المرأة المؤمنة، فقد قال رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحياء (أن الحياء من الإيمان).
إن ديننا الحنيف هو دين يسر, فإن وجدت المرأة نفسها في موقف بحاجة فيه للتحدث مع الرجل فالشرع لا يمنع من ذلك، لكن يجب أن يقتصر الحديث على قدر الحاجة من دون تشعب، مع ضرورة غض البصر و تجنب المزاح والضحك، أو الخضوع بالقول كما أمرنا الله عز وجل بقوله في كتابه الكريم: ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا).
وبهذه الآداب فإن حياء المرأة أو خجلها يجب أن لا يتعارض مع دراستها ولا عملها ولا ممارستها لحياتها الطبيعية، فإن كان حياؤها يتعارض مع ذلك ويؤثر على مسار حياتها بشكل سلبي، أو أصبح يسيء إلى شخصيتها، أو يسبب لها الحرج الشديد عند التعامل مع المواقف الطبيعية، فهنا يكون الحياء عندها قد تحول إلى نوع من الخوف المرضي أو الرهاب، لذلك إذا كنت تشعرين بأن خجلك يجعلك غير قادرة على التعامل مع المواقف الضرورية والروتينية في الحياة، أو أن حياءك يجعلك تفقدين فرصا هامة في الحياة، فهنا يمكن القول بأن الحالة هي حالة رهاب مرضي.
والرهاب هو عبارة عن خوف شديد وغير مبرر لشيء ما، ومن الأمثلة على الرهاب: رهاب الأماكن المرتفعة, رهاب البحر, رهاب الحيوانات، وغير ذلك.
والحالة عندك هي حالة رهاب اجتماعي خاص بالرجال, وهذه الحالة تزداد بسبب عدم التعود على رؤية الرجال أو التعامل معهم, لكن بالطبع هذا ليس هو السبب الوحيد، بل هو عامل مساعد فقط, والسبب الأساسي هو وجود استعداد وراثي في شخصيتك، لذلك ترين بعض الفتيات لا يصبن بالخوف عند التعامل مع الرجال رغم أنهن عشن في ظروف مشابهة لظروفك ليس فيها اختلاط .
والعلاج الأولي للحالة هو:
علاج سلوكي معرفي يعتمد على التعرف على الأفكار المسببة للحالة، ومن ثم تغيير هذه الأفكار والسلوك المرافق لها، فمثلا عندما تقابلين رجلا وتكونين مضطرة للتحدث معه قولي لنفسك: ( ما الذي يجعلني خائفة؟ إن هذا مجرد شعور يتملكني فقط وهو ليس حقيقة، فهذا النادل موظف يفكر في عمله، وكل ما يهمه هو تأدية عمله بشكل صحيح، وما يقوله لي يكرره مع مئات الناس رجالا ونساء، لذلك سأتكلم معه، وسأسيطر على أية مشاعر خوف تنتابني عندما يسألني عن الوجبة التي أريدها).
وهنالك أيضا طريقة علاجية إضافية في مثل هذه الحالات: وهي طريقة التعرض تدريجيا للمواقف التي تسبب لك الخوف، والتدرب على مواجهتها بشكل تدريجي، فمثلا إذا كنت في السوبر ماركت وعند وصولك للمحاسب بعد شراء حاجاتك قرري أن تتخطي الموقف معه بنجاح وقولي لنفسك مسبقا: (هذا موقف قصير جدا لن يتطلب مني سوى بضع كلمات، وسأحاول أن أجتازه من دون أن أركز على مشاعري في تلك اللحظة، وأنا قادرة على السيطرة على كل مشاعر الخوف عندي، لأني أفكر فقط في ثمن الأشياء التي اشتريتها لأتأكد من أن المبلغ الذي سأدفعه صحيحا), وعندما تنجحين في موقف بسيط كهذا، انتقلي إلى موقف آخر يتطلب وقتا أو حديث أطول، وهكذا.
وأنصحك بمراجعة طبيبة نفسية لتدريبك على تفاصيل جلسات العلاج بنوعية، وستشعرين بتحسن بإذن الله تعالى، لكن يجب المواظبة وتطبيق التعليمات بدقة.
أسأل الله عز وجل أن يوفقك لما يحب ويرضى.