السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من العصبية وعدم التحمل مع طفلي الصغير، وذلك من أيامه الأولى، عمره الآن سنة ونصف، كثير الحركة جدا في المنزل، وكثير الضجيج والصراخ، تغير كل برنامجي في حياتي الزوجية بعد أن رزقني الله بولدي، منها وقت النوم والاستيقاظ والزيارات والأكل والشرب، حتى علاقتي مع زوجتي، أثر فيها وجود طفلي، رغم أنني قبل زواجي كنت أحب الأطفال كثيرا، وأفهمهم، لكن طفلي لا أستطيع تحمله، مما يسبب انزعاجا بيني وبين زوجتي.
للعلم فأنا أعاني من مشاكل في عملي، ومن صعوبات وضغوطات مستمرة، أسأل الله تعالى أن تتيسر الأمور، وتنفرج الكروب قريبا، هل لهذا سبب؟
برأيكم ما هو الحل؟ وكيف أستطيع التعامل معه؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abu mumin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمك السداد والرشاد وطول البال، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
وجود هذا الطفل نعمة كبيرة من الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يصلحه وأن يقر أعينكم به، وأن يلهمكم السداد والرشاد حتى تقوموا على تربيته بأحسن الطرائق، ونتمنى أن تشكر الله تبارك وتعالى على هذه النعمة التي حرم منها الكثير، واعلم أن صراخ الأطفال ممتع، ونحن نقدر تعبك ومجيئك من العمل، لكن على أمه أن تجتهد في أن ترتب له برنامجا بحيث يوفر لك حظا من الراحة، خاصة عند عودتك من العمل، وأرجو أن لا يظلم الطفل لأجل ضغوطات العمل، فإن للطفولة حظها وحقها من اللعب والمرح، بل إن الطفل المتحرك الذي هو كثير اللعب، يعطي فرصا كبيرة لمن يربيه، والوالدة لها دور كبير جدا، خاصة في فترة عودتك من العمل، أما بقية الوقت فاعلم أن لهذا الطفل حق وهو أغلى ما نملك في هذه الحياة؛ لأن الأطفال هم نصف الحاضر، لكنهم كل المستقبل، وهم أكبر استثمار لآباءهم وأمهاتهم، بل هم امتداد لعملنا الصالح، يعني بل هم امتداد لعملنا الصالح بعد أن ندخل إلى قبورنا، فإن الإنسان يموت ولا يبقى له إلا صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، والولد الصالح هو محور الحديث؛ لأن الإنسان إذا ترك ولدا صالحا يتصدق نيابة عن أبيه، وينشر علما، ويفعل خيرات كثيرة نيابة عن أبيه، ولذلك أرجو أن تراعوا هذه الجوانب.
واعلموا أن هذا الطفل المتحرك يحتاج أيضا إلى من يلاعبه، إلى من يداعبه، فإذا أخذت حظك من الراحة فاعطه حظه من اللعب، ولا مانع من أن تأخذه وتمشي به، وتتحرك معه، فيكون لعبه فيه نوع من الحركة حتى يستسلم بعد ذلك للنوم والراحة، أما كونه يزعجكم عند الأكل وعند الشرب، فهذا طبيعي، وأرجو أن يزيدنا هذا برا بآبائنا وأمهاتنا فكم صبروا علينا، وأرجو أن لا يكون إزعاج الطفل سببا للتوتر بينك وبين زوجتك، فهو نعمة من نعم الله عليك وعليها.
بالنسبة لمسألة مشاكل العمل أرجو أن تحصر في ساحات العمل، كما أن مشاكل البيت لا ينبغي أن تؤثر على ساحة العمل، واستعن بالله تبارك وتعالى، وأكثر من اللجوء إليه، وحاول أن ترتب أمورك بالنسبة للعمل، ثم حاول أن تجتهد في أن تجعل لهذا الطفل جزءا من وقتك واهتمامك، وعلى والدته أيضا أن يكون لها الأدوار الكبرى في تهيئة الجو المناسب لك، وتهيئة أيضا الفرص المناسبة لطفلها للعب، ومن المهم جدا أن تجتهد في أن توحد برنامجا للنوم والصحو، لو أنها شغلت طفلها واشتغلت معه فإذا جئت من العمل نامت الأسرة جميعا كما تفعل كثير من الأسر، ثم تستيقظوا بعد ذلك فإن هذا سيكون من الأمور الطيبة والجيدة، واعلم أن هؤلاء الأطفال يحتاجون أيضا إلى شيء من الاهتمام، وشيء من الرعاية، وكذلك أيضا ينبغي أن نشغلهم بأشياء مفيدة قبل أن يشغلونا ويشغلونا.
لكن أكرر، حركة الطفل دليل على نبوغه، وهي نعمة من نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان، وعلى الأم أن ترتب وتوجه هذه الحركة فيما يعود على الطفل بالفائدة، أنشطة حركية وألعاب حركية نافعة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.